مجلة المحيط الفلاحي

أوروبا وآسيا الوسطى تناقشان حلولًا رامية إلى تعزيز استدامة النظم الزراعية والغذائية

 

 بدأت اليوم الدورة الثانية والثلاثون  لمؤتمر منظمة الأغذية والزراعة الإقليمي لأوروبا حيث سيناقش أعضاء المنظمة من أوروبا وآسيا الوسطى عددًا من التحديات التي يواجهها الإقليم في ما يتعلق بالأغذية والزراعة، ولا سيّما كيفية تعزيز النظم الزراعية والغذائية المستدامة والأنماط الغذائية الصحية، فضلًا عن الحلول الخاصة بالشباب والعمالة وتنمية المناطق الريفية.

 هذا المؤتمر الذي تستضيفه أوزبكستان بالتعاون مع المنظمة، والذي يعقد للمرة الأولى بصورة افتراضية بالكامل، يضمّ أكثر من 31 وزيرًا ونائب وزير، مع ما مجموعه 270 ممثلًا عن 51 طرفًا عضوًا في أوروبا وآسيا الوسطى، ما يجعله المؤتمر الإقليمي لأوروبا الأعلى حضورًا. ويشارك أيضًا ممثلون عن المنظمات الدولية والمجتمع المدني والقطاع الخاص في هذا المؤتمر الذي يعقد مرة كل سنتين.

وقد شكر المدير العام للمنظمة السيّد شو دونيو في كلمته الافتتاحية أوزبكستان على مرونتها في استضافة المؤتمر بصورة افتراضية، ورحّب بممثلي المجتمع المدني والقطاع الخاص والشركاء الآخرين، مؤكّدًا أن حضورهم ومساهماتهم تُغني النقاش.

كما أكد المدير العام للمنظمة أن الإقليم يمثل قوة اقتصادية وزراعية، بيد أنّه يواجه أيضًا عدة تحديات مستمرّة ومستجدّة.

وتتضمن تلك التحديات “الضغط على الموارد الطبيعية، وتدهور الأراضي وندرة المياه في أجزاء كبيرة من الإقليم، واستمرار انعدام الأمن الغذائي ناهيك عن ارتفاع مستويات السمنة، وازدياد الهوة بين المناطق الريفية والحضرية وأوجه اللامساواة بين الجنسين، واستمرار وجود جيوب الجوع والفقر في العديد من المناطق الريفية”، على حد تعبيره، ملاحظًا أن الابتكار والتكنولوجيات الرقمية عوامل حاسمة لأجل تعزيز الزراعة والتنمية الريفية المستدامتين بالطرق الحديثة.

وقال “إنّ التكنولوجيات الرقمية من قبيل التصوير بواسطة الأقمار الاصطناعية، وأجهزة الاستشعار عن بعد، وتطبيقات الكتل المتسلسلة تَعِد بتغييرات ثورية للمزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة والمستهلكين”، مشيرًا إلى أن هذه التكنولوجيات “قادرة على المساعدة في تحسين السلاسل الغذائية، وزيادة القدرة على الوصول إلى الأسواق، وخفض الفاقد والمهدر من الأغذية، وتحسين إدارة المياه ومكافحة الآفات والأمراض”.

وأكّد نائب رئيس وزراء أوزبكستان السيّد Shukhrat Ganiev في خطابه الافتتاحي أن “القضايا العالمية مثل التنمية الزراعية المستدامة، وتغير المناخ، والظروف المعيشية، وبطالة الشباب في المناطق الريفية تزداد شدّة بشكل خاص وتتطلب المزيد من الاهتمام، خاصة في ضوء انتشار كوفيد-19 حول العالم”. ويتولى وزير الزراعة في أوزبكستان، السيّد Jamshid Khodjaev، رئاسة المؤتمر الإقليمي.

أما رئيس الدورة السابقة للمؤتمر الإقليمي لأوروبا التي عقدت في روسيا عام 2018، نائب رئيس مجلس النوّاب (الدوما) في الاتحاد الروسي السيد Alexey Gordeev، فقد أكّد على أهمية تعزيز الشراكات مع المجتمع المدني والقطاع الخاص، فضلًا عن الحفاظ على حوار بنّاء مع الأقاليم الأخرى.

الأدوات والنهج المبتكرة لتوفير الدعم حسب الطلب

استجابةً للتحديات التي يواجهها الإقليم، سلّط المدير العام للمنظمة الضوء على بعض الإنجازات الرئيسية، مثل استراتيجية الوصول إلى الصندوق الأخضر للمناخ التي أسفرت عن مشروعين رئيسيين سينطلقان في عام 2021 لمواجهة تحديات تغير المناخ في  أرمينيا وقيرغيزستان ، والعمل المعياري والميداني الذي تضطلع به المنظمة في مجال  تجميع الاراضي، فضلًا عن الاستراتيجية الإقليمية للمساواة بين الجنسين والتقييمات القطرية للمساواة بين الجنسين، التي تساهم في تمكين نساء الأرياف عبر أنحاء الإقليم.

كما أشار المدير العام للمنظمة إلى التأثيرات المتضاربة التي أسفرت عنها جائحة كوفيد-19 في التحديات القائمة، وسلّط الضوء على برنامج منظمة الأغذية والزراعة الشامل للاستجابة لجائحة كوفيد-19 والتعافي منها و”الذي يهدف إلى التخفيف من وطأة التأثيرات المباشرة مع تعزيز مرونة النظم الزراعية والغذائية وسبل المعيشة في الأمد البعيد.”

كما أشار المدير العام للمنظمة السيد شو دونيو إلى مبادرة العمل يدًا بيد الرائدة للمنظمة – وهي مبادرة قائمة على الأدلة تهدف إلى القضاء على الجوع والفقر في البلدان التي لا يمكن تركها خلف الركب. وتنشر المبادرة أدوات وتحليلات متطورة مثل المنصة الجغرافية المكانية الخاصة بمبادرة العمل يدًا بيد،  ومختبر البيانات للابتكار في مجال الإحصاءات من أجل التعجيل بالتحول الزراعي والتنمية الريفية المستدامة.

وقال في هذا الصدد: “يتسم نهج العمل يدًا بيد بالمرونة والانفتاح على البلدان كافة. ومن الممكن للبلدان أن تكون في آن معًا مستفيدة منه ومساهمة فيه، وأنا أدعوكم إلى الانضمام إلى هذه المبادرة التي تتولى البلدان زمامها وتقودها”.

كما أعلن المدير العام للمنظمة عن إطلاق “التحالف من أجل الغذاء” في وقت لاحق من هذا الأسبوع، يوم الخامس من نوفمبر. ويمثّل التحالف من أجل الغذاء – الذي اقترحته حكومة إيطاليا وتقوده المنظمة – تحالفًا عالميًا جديدًا لمساعدة البلدان الأعضاء في التكيّف مع تأثيرات جائحة كوفيد-19 على نظمها الغذائية وقطاعاتها الزراعية.

كما دعا المدير العام وفود البلدان إلى تسمية مواقع للمشاركة في مبادرة المنظمة الجديدة بعنوان” مشروع 000 1 قرية رقمية”، الذي سيحوّل القرى أو البلدات إلى محاور رقمية مع تسليمه بأن الروابط الرقمية والسياحة الريفية قد تكون محركات كفيلة بزيادة القدرة على الصمود وتنويع مصادر دخل المزارعين وإعادة الإعمار بصورة أفضل.

الأنماط الغذائية الصحية والنظم الغذائية والزراعية المستدامة

إنّ النظم الزراعية والغذائية في أوروبا وآسيا الوسطى متنوعة وقد بلغت مراحل مختلفة من التطور وتشهد أنواعًا مختلفة من الضغوطات والتحديات. ومن ضمنها الإنفاق العام المحدود والقيود المفروضة على الموارد الطبيعية والاعتبارات الاجتماعية والسياساتية. وقد كشفت جائحة كوفيد-19 النقاب عن أوجه الضعف هذه، غير أنها عززت في الوقت عينه أهمية النظم الغذائية القادرة على الصمود.

وفي عام 2021، سوف تعقد الأمم المتحدة مؤتمر القمة بشأن النظم الغذائية الذي سيتمحور حول تحويل النظم الغذائية من أجل تغيير المسار وإنجاز رؤية خطة عام 2030. وقد عرضت السيدة Agnes Kalibata، مبعوثة الأمم المتحدة الخاصة لمؤتمر القمة بشأن النظم الغذائية إحدى سبل العمل لإنجاح مؤتمر القمة هذا.

وأكدت السيدة Kalibata مجددًا الدعوة التي وجهها أمين عام الأمم المتحدة لكي يكون مؤتمر القمة “مؤتمر قمة الشعوب” و”مؤتمر قمة الحلول” في آن معًا وتوجهت بالشكر إلى منظمة الأغذية والزراعة ووكالتي الأمم المتحدة الأخرتين الموجودتين في روما (أي الصندوق الدولي للتنمية الزراعية وبرنامج الأغذية العالمي) على ما قدموه من دعم. وقالت “لولا هذه المساعدة، لما أمكن إنجاز التحضيرات لمؤتمر قمة الأمم المتحدة بشأن النظم الغذائية في عام 2021”.

وعرضت السيدة Kalibata أيضًا لأهداف مؤتمر القمة وهي ضمان الحصول على أغذية آمنة ومغذية؛ والتحول إلى أنماط استهلاك مستدامة؛ وتحفيز الإنتاج المراعي للطبيعة على نطاقات كافية؛ وإحراز تقدم باتجاه التوزيع العادل لسبل العيش والقيمة؛ وبناء القدرة على مقاومة أوجه الضعف والصدمات والضغوطات.

وأشار بدوره أيضًا المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة إلى “إنّ مداولاتكم حول الأنماط الغذائية الصحية والنظم الغذائية سوف تساهم في إعطاء دفع لخطة العمل العالمية للمنظمة، خاصة في سياق مؤتمر قمة الأمم المتحدة بشأن النظم الغذائية”.

وأشار عدد آخر من المتحدثين من بينهم نائب رئيس الوزراء في أوزبكستان السيد Shukhrat Ganiev والرئيس المستقل لمجلس منظمة الأغذية والزراعة السيد Khalid Mehboob، إلى ضرورة إيلاء العناية الواجبة لكمية الأغذية المنتجة ونوعيتها على حد سواء.

ومع أنّ معدلات انتشار كل من النقص التغذوي وتقزم الأطفال متدنية في هذا الإقليم، إلا أنّ ارتفاع السمنة هو مصدر قلق كبير في إقليم أوروبا وآسيا الوسطى، نظرًا إلى ارتفاع معدلات انتشار السمنة التي تتراوح بين 18 في المائة لدى البالغين في آسيا الوسطى و23 في المائة في أوروبا كمتوسط، وصولاً إلى نسبة 28 في المائة في بعض البلدان الأعضاء. ولا يزال النقص في المغذيات الدقيقة يطرح مشكلة على نطاق الإقليم ككلّ.

ومن المقرر أن تختتم الدورة الثانية والثلاثون للمؤتمر الإقليمي لأوروبا أعمالها في 4 نوفمبر/تشرين الثاني وهي آخر الدورات ضمن سلسلة المؤتمرات الإقليمية للمنظمة التي شملت آسيا والمحيط الهادئ؛ والشرق الأدنى؛ وأمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي وأفريقيا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.