السيد الريفي : تعبئة الشباب القروي لم تعد خيارًا ثانويًا، بل غدت اليوم ركيزة أساسية لأي سياسة تنموية مستدامة
أكد السيد مهدي الريفي، المدير العام لوكالة التنمية الفلاحية، أن تعبئة الشباب القروي لم تعد ترفًا أو خيارًا ثانويًا، بل غدت اليوم ركيزة أساسية لأي سياسة تنموية مستدامة، معتبرًا أن هذا الشباب، المتجذر في محيطه والمُفعم بالطاقة والمبادرة، يجسد دينامية تجديد مجتمعي تستحق الدعم والتأطير.
جاء ذلك خلال ندوة صحفية نظّمت اليوم الأربعاء 23 من أبريل بالعاصمة الإسماعيلية مكناس على هامش المعرض الدولي للفلاحة بالمغرب ، حيث تم الإعلان الرسمي عن إطلاق طلب إبداء الاهتمام الموجه لريادة الأعمال في مجال الخدمات المرتبطة بالفلاحة، في إطار منحة ممولة من طرف الاتحاد الأوروبي والوكالة الفرنسية للتنمية.
وأوضح السيد الريفي أن هذه الخطوة تمثل مرحلة استراتيجية جديدة ضمن مسار تنزيل البرنامج الفلاحي المشترك، الذي يُعد مبادرة هيكلية طموحة تنسجم مع توجهات التنمية الزراعية الوطنية، وتستجيب لحاجيات الإدماج الاقتصادي، وتثمين الرأسمال البشري، في ظل التحولات العميقة التي تشهدها المجالات القروية بفعل التغيرات الاقتصادية والاجتماعية والمناخية التي تعرفها مختلف المناطق القروية.
ويهدف هذا الطلب، الذي يُنجز بشراكة بين وزارة الفلاحة ووكالة التنمية الفلاحية والجهات الأوروبية، إلى تحديد ودعم ومواكبة البنيات القادرة على تأطير ومرافقة الشباب حاملي المشاريع، وربطهم بمنظومات فعالة، قادرة على تحويل أفكارهم ومبادراتهم الفردية إلى مشاريع اقتصادية حقيقية ومنظمة ومستدامة. ويُخصص لهذه المبادرة تمويل قدره ستة ملايين يورو.
وأشار إلى أن هذه الاستثمارات تستهدف تحقيق ثلاث غايات كبرى، تتمثل في بروز نسيج قوي لريادة الأعمال القروية التنافسية والمستدامة، وهيكلة منظومة دعم ترابية متكاملة تكمل المبادرات القائمة، وعلى رأسها المراكز الجهوية لريادة الأعمال الفلاحية (SERGA) ومنصة “شباب فلاح” (ChaabAgri)، التي أضحت اليوم مرجعًا معلوماتيًا متطورًا لمواكبة الشباب في مجال الفلاحة والخدمات المرتبطة بها، إضافة إلى خلق فرص اقتصادية محلية ترتكز على الخصوصيات المجالية والموارد الذاتية لكل منطقة.
وفي هذا السياق، جدد السيد الريفي التأكيد على التزام وزارة الفلاحة والوكالة بلعب دور المحفز والداعم الأول للحلول التنموية المندمجة والشاملة، وفق الرؤية الاستراتيجية “الجيل الأخضر 2020–2030″، التي تضع الشباب في قلب عملية التحديث والتجديد الفلاحي، وتُعلي من قيمة رأس المال البشري باعتباره أساس النجاح.
كما عبّر المدير العام لوكالة التنمية الفلاحية عن شكره العميق للشركاء الأوروبيين والفرنسيين على مواكبتهم الفعالة والدائمة، والتي تعكس رؤية مشتركة من أجل عالم قروي حي وديناميكي، قائمة على قيم مشتركة. واعتبر أن هذا الطلب يمثل فرصة ثمينة لهياكل الدعم، سواء كانت جمعوية أو تعاونية أو مهنية، لتعزيز دورها كوسيط ومحفز للإدماج الاقتصادي وتثمين الكفاءات المحلية.
وختم السيد الريفي كلمته بدعوة كل الفاعلين من جمعيات وتعاونيات ومهنيين إلى اغتنام هذه الفرصة لتعزيز أدوارهم كمحركات للتنمية، وكمحفزين على الإدماج الاقتصادي وتثمين الكفاءات المحلية، مشددًا على أن مستقبل العالم القروي يكمن في طاقاته الشابة ومبادراته الواعدة، التي تستحق كل الدعم والمرافقة.
وللاشارة حظيت هذه المبادرة بتزكية قوية من شركاء المغرب الدوليين، حيث اعتبرتها السيدة كيتري بانسان، مديرة الوكالة الفرنسية للتنمية بالمغرب، تجسيداً ملموساً لروح التعاون الثنائي، قائلة:”تشكل هذه المبادرة دليلاً إضافياً على عمق وجودة الشراكة التي تجمعنا بالمؤسسات المغربية. ويجسد برنامج ‘إحياء’ روح التعاون القائم على تبادل الخبرات وبناء حلول عملية لمواجهة تحديات التنمية المستدامة في العالم القروي.”
من جانبه، أكد السيد جان كريستوف فيلوري، رئيس قسم التعاون لدى بعثة الاتحاد الأوروبي بالمغرب، أن هذه الخطوة تمثل لبنة جديدة في مسار شراكة استراتيجية، حيث صرح قائلا :
“إن إطلاق هذا الطلب يعكس المستوى الرفيع من الثقة والتعاون القائم بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المغربية. نحن نمضي قدماً، يداً في يد، لدعم الشباب، وتمكين ريادة الأعمال القروية، وتسريع الانتقال نحو أقاليم أكثر عدالة، أكثر خضرة، وأكثر قدرة على الصمود في وجه التحديات المستقبلية.”
يمثل هذا الطلب لإبداء الاهتمام، في مضمونه وأهدافه، أكثر من مجرد إجراء تمويلي؛ إنه تعبير عن إرادة سياسية ومؤسساتية واضحة لإحداث تغيير جذري في بنية الاقتصاد القروي، من خلال الاستثمار في الإنسان، وفي قدراته على الابتكار وخلق القيمة، بما يضمن استدامة الموارد، وعدالة الفرص، وتكافؤ الحظوظ.
#المحيط الفلاحي : متابعة