الفائز بجائزة نوبل للسلام 2016 يشيد بدور الفاو في خطط تحسين الزراعة في البلاد بعد 50 عاما من النزاع
استعرض الرئيس الكولومبي خوان مانويل سانتوس الحائز على جائزة نوبل للسلام 2016، رؤيته لمستقبل بلاده بعد 50 عاما ً من الحرب الأهلية، مؤكداً بأن المكاسب المتحققة من السلام ستتخطى حدود كولومبيا.
وقال خلال زيارة إلى منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) أن “السلام في بلادنا هو سلام سيفيد العالم بأكمله على عدة جبهات إحداها هي الأمن الغذائي والتنمية الزراعية”.
وكان الرئيس سانتوس قد توصل مؤخراً إلى اتفاق سلام مع حركة القوات المسلحة الثورية المتمردة (فارك) بعد مفاوضات طويلة وعقود من الصراع أودى بحياة أكثر من 200 ألف شخص وأدى إلى تشرد الملايين.
وقد تعهدت كولومبيا والفاو والاتحاد الاوروبي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي بجعل التنمية الريفية أولوية وأداة لحفظ السلام.
وقال سانتوس: “لقد كانت حقولنا كذلك ضحية للنزاع المسلح الذي حرم قطاعنا الريفي من إنتاجيته وزاد من الفجوة الاجتماعية مع المناطق الحضرية، وعمق انعدام المساواة في بلادنا”.
بدوره قال المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) جوزيه غرازيانو دا سيلفا أثناء ترحيبه بالرئيس الكولومبي: “لقد أثبتت كولومبيا أن هناك طريق واحد للسلام وهو طريق الحوار والمفاوضات والتعاون والشمولية والمساواة، وهو كذلك الطريق إلى التنمية المستدامة التي لا تستثني أحداً”.
وشكر دا سيلفا الرئيس الكولومبي على قبوله الدعوة للمشاركة في تحالف الفاو والحائزين على جائزة نوبل للسلام من أجل دعم الأمن الغذائي والسلام. ويهدف التحالف الذي أطلق في أيار/مايو إلى حشد جهود الفائزين بجائزة نوبل للسلام والفاو لكسر العلاقة بين النزاعات والجوع وتعزيز الصمود في أنحاء العالم.
وأكد دا سيلفا على أن اتفاق السلام في كولومبيا “هو مثال على تحول أمر كان يبدو مستحيلاً إلى أمر ممكن”، وقال إنه نموذج يجب أن تحتذي به كل الدول التي تسعى إلى القضاء على الجوع والفقر المدقع وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
بدورها أعربت نيفين ميميكا المفوضة الأوروبية للتعاون الدولي والتنمية عن تأييدها القوي “لتحويل المستحيل إلى ممكن”، مشيرة إلى أن الاتحاد الاوروبي أطلق هذا الأسبوع صندوق بقيمة 95 مليون يورو لتعزيز الاقتصادات الريفية المحلية في كولومبيا.
ماذا ينتظر كولومبيا
أكد الرئيس سانتوس على أن جزءا رئيسياً من الحفاظ على السلام في كولومبيا يعتمد على تعزيز التنمية الريفية للمجتمعات التي تضررت سبل معيشتها بشكل كبير بسبب النزاع. وقال إن النساء الريفيات تضررن بشكل مفرط من النزاع وسيتم تقديم الدعم الإضافي لهن.
وأشار إلى أن الفاو هي شريك مهم للحكومة في استعداداتها لتطبيق “استراتيجية الرد السريع” التي تهدف إلى تسريع الاستثمارات في القطاعات الريفية التي تحتاج إلى الوظائف والازدهار لتعزيز الثقة في سلام دائم. وتشمل الخطة وضع استثمارات ضخمة في البنى التحتية في مناطق ليس للحكومة فيها حتى الآن تأثير كبير تجلب لها أنظمة الري والطرق والكهرباء والانترنت وبرامج القروض الريفية، وشبكات توزيع البذور والدعم المالي الزراعي والمدارس والإسكان إضافة إلى الوصول الأفضل لمياه الشرب ومرافق التصريف، وبرامج الأمن الغذائي والتغذوي.
وقال سانتوس أن “هذه استثمارات كان علينا أن نقوم بها سواء بالتوصل إلى اتفاق سلام أو بدونه”.
ويعتبر الاستخدام الأكثر فعالية للأراضي عنصراً رئيسياً في الخطة التي تلتزم الفاو حالياً بالمساعدة على وضع التوجيهات الرئيسية لها. وسيتم وضع قوانين زراعية جديدة لحماية حقوق الملكية الريفية، كما سيتم إنشاء “صندوق الأراضي” للفلاحين الذين لا يملكون أراض. وبحسب سانتوس، ستسعى كولومبيا إلى إعادة بناء مؤسساتها استناداً إلى الخطوط التوجيهية الطوعية بشأن الحوكمة المسؤولة لحيازة الأراضي والمبادئ الخاصة بالاستثمارات المسؤولة في الزراعة ونظم الأغذية التي تروّج لها الفاو.
وبعد أن أشار إلى أن “كولومبيا تدخل مرحلة ما بعد النزاع التي يكون فيها السلام عادة هش بشكل خاص”، قال دا سيلفا إنه يجب “تعزيز ودعم السلام بشكل مستمر”.
وقال سانتوس أن كولومبيا تعول على دعم الفاو والاتحاد الأوروبي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومنظمات المجتمع المدني مثل “فيا كامبسينا”.
وأكد سانتوس على أن مصداقية وخبرة الفاو خاصة في مجال دعم أصحاب الحيازات الصغيرة والأسر الزراعية هو أمر استراتيجي في الإصلاحات الريفية في كولومبيا، مضيفا أن الخطة أصبحت في مرحلة متقدمة من صياغة مقاربة شاملة. وأشاد بالمفوضة ميميكا ووصف دورها في العملية ب”المحوري”.
ما وراء كولومبيا
وأكد الرئيس سانتوس إن نجاح كولومبيا يقدم الكثير للعالم لأنها بلد لديها القدرة أن تصبح منتجاً رئيسياً للغذاء حيث لا تستخدم حالياً سوى أقل من 30 في المائة من أراضيها الصالحة للزراعة للانتاج.
وقال سانتوس أنه بينما ولدت الفاو في نهاية الحرب العالمية الثانية في وقت كانت فيه أوروبا مدمرة ويهيمن عليها شبح المجاعة “فإن بلادنا ليست مدمرة، كما أن شعبنا لا يهدده الجوع. فنحن لدينا أرض فيها الكثير من الطاقات التي هدرت بسبب النزاع”.
وأضاف: “الآن يسعدني أن أعلن أننا سنستغل معظم قدراتنا ونحول كولومبيا إلى مزود للغذاء الذي يحتاجه العالم للتصدي لنقص التغذية والجوع خارج حدودنا .. بحيث نكون مستعدين لتقديم الدعم الملموس للفاو لتحقيق أهدافها”.
المحيط الفلاحي : الفاو
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.