تمكين الشباب القروي… دعامة استراتيجية لتحقيق السيادة الفلاحية وبناء تنمية متوازنة وشاملة
في ظل التحديات المتنامية التي يواجهها قطاع التشغيل بالمغرب، وخاصة في العالم القروي الذي يُعتبر خزانا بشريا وإنتاجيا لا يستهان به، تبرز اليوم الحاجة الملحة إلى سياسات عمومية جريئة وناجعة تستثمر في الطاقات الشابة وتفتح أمامها آفاق الأمل والمبادرة. ولعل ما أعلنه وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، السيد أحمد البواري، خلال الاجتماع الهام المنعقد يوم الثلاثاء 29 أبريل بالرباط حول تتبع تنزيل خارطة طريق قطاع التشغيل وترأسه رئيس الحكومة يشكل بارقة أمل ورسالة قوية مفادها أن الحكومة المغربية عازمة على كسر الجمود، واستنهاض طاقات الشباب القروي، وتمكينه من ولوج عالم المقاولة الفلاحية.
إن الدعوة إلى تشجيع إنشاء مقاولات شبابية في القطاع الفلاحي ليست مجرد إجراء ظرفي، بل توجه استراتيجي يحمل في طياته وعيا عميقا بالدور المحوري الذي يمكن أن يلعبه الشباب في إعادة رسم معالم التنمية القروية وتحقيق الأمن الغذائي، في ظل تقلبات مناخية واقتصادية تفرض مقاربات مبتكرة ومستدامة. كما أن الاعتراف بفقدان مناصب شغل في القطاع الفلاحي، والبحث عن سبل تداركها، يعكس وعيا حكوميا متقدما بأن التشغيل لم يعد مجرد رقم في تقارير إحصائية، بل هو عنوان للكرامة والعدالة الاجتماعية.
لقد أعادت التساقطات المطرية الأخيرة ولله الحمد التفاؤل للمشهد الفلاحي الوطني، وأعطت دفعة جديدة للنشاط القروي، لكن الرهان الحقيقي يبقى في استثمار هذه الفرصة لتشجيع ودعم الفلاحين، وخاصة الشباب، عبر تسهيل الولوج إلى التمويل، والمواكبة التقنية، وتوفير شروط الحماية الاجتماعية. ولن يتحقق ذلك إلا من خلال حكامة رشيدة وآليات تنسيق فعالة بين مختلف المتدخلين، كما أشار إلى ذلك السيد الوزير.
إن تصور اليوم هو رؤية شمولية تتقاطع فيها السياسات القطاعية، وتتكامل من خلالها الأدوار بين الفاعل العمومي والقطاع الخاص والمجتمع المدني، لبناء نموذج قروي جديد، يقوم على الكفاءة والابتكار والتضامن. فالشباب القروي ليس عبئا، بل رافعة حقيقية للتغيير، إذا ما أُحسن الإنصات إليه، وتوفرت له بيئة تحتضن طموحاته.
فليكن إذن هذا التصريح الحكومي بداية لمرحلة جديدة، تُوضع فيها الطاقات الشابة في قلب التحولات الكبرى تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس حفظه الله، وتُعاد فيها للمجال القروي مكانته الطبيعية كمصدر للأمن الغذائي، والنمو الاقتصادي.
#عادل العربي