زكية الدريوش.. رُبانة الإصلاح الهادئ التي جعلت من قطاع الصيد البحري محركًا للتشغيل والتنمية المستدامة
في زمن تتعدد فيه التحديات الاقتصادية وتتنامى فيه الحاجة إلى فرص شغل مستدامة ومهيكلة، يبرز قطاع الصيد البحري كأحد الأعمدة الحيوية التي تسند الاقتصاد الوطني، ليس فقط من حيث مساهمته في الناتج الداخلي الخام، بل كذلك لما يوفره من مناصب شغل قارّة ومباشرة تُغذي دينامية العيش الكريم لمئات الآلاف من الأسر المغربية، من طنجة إلى الكويرة.
وفي هذا السياق، لم يكن عرض كاتبة الدولة المكلفة بالصيد البحري، السيدة زكية الدريوش، أمام مجلس النواب ليوم الإثنين الرابع عشر من أبريل ، مجرد تمرين مؤسساتي روتيني، بل كان بمثابة وقفة تقييمية لقطاع أثبت صلابته وفعاليته في سوق الشغل، حيث يوفر اليوم حوالي 260 ألف منصب شغل مباشر، في تناغم مع الرؤية الملكية السامية التي تجعل من الإنسان المغربي محور التنمية.
هذا الرقم ليس مجرد دلالة كمية، بل هو ثمرة مسار إصلاحي وتحديثي تقوده امرأة بصمت حضورها بقوة في المشهد العمومي الوطني، بفضل كفاءتها وجديتها وارتباطها الوثيق بمصالح المهنيين والعاملين في القطاع. لقد استطاعت السيدة زكية الدريوش، عبر قيادتها الهادئة والحازمة، أن تُحول قطاع الصيد البحري إلى ورش استثماري واعد وفضاء حقيقي لخلق الثروة وفرص العمل.
لقد أبرزت كاتبة الدولة، بكل واقعية وشفافية، أن مناصب الشغل المباشرة تتوزع بين 131 ألف فرصة على ظهر سفن الصيد، و126 ألف داخل الوحدات الصناعية، و1400 منصب في تربية الأحياء البحرية، إضافة إلى الآلاف من مناصب الشغل غير المباشرة المرتبطة بسلسلة القيمة البحرية من نقل وتسويق وصيانة وتجارة تقليدية.
والواقع أن هذه الإنجازات ما كانت لتتحقق لولا سلسلة من الإصلاحات البنيوية التي عرفها القطاع، وعلى رأسها تنزيل استراتيجية “أليوتيس”، التي أثبتت نجاعتها في تكريس حكامة مستدامة للثروة السمكية، ودعم النسيج الصناعي للمنتجات البحرية، وتعزيز البحث العلمي والمراقبة، مما مكن من بلوغ نسبة 96% من الكميات المفرغة المدبرة بشكل مستدام، وهو إنجاز يرقى إلى مستويات المعايير الدولية في الاستغلال العقلاني للثروات البحرية.
وإذا كانت الحكامة شرطا أساسيا لأي تقدم، فإن روح المبادرة والابتكار تظل محركا لا غنى عنه لمواصلة الدينامية. وهنا، تُسجل للسيدة الدريوش مبادرتها المشجعة لإنشاء شركات وتعاونيات جديدة لتجارة السمك بالجملة، ما يفتح المجال أمام صغار المستثمرين والمهنيين للاندماج في دورة الاقتصاد الأزرق، ويقلص من هيمنة الوسطاء والمضاربين.
في زمن الشك والتراجع، يبقى الأمل معقودا على القطاعات التي تنبض بالحيوية والجدية، ويظل الرهان على كفاءات نسائية مغربية أصيلة، مثل السيدة زكية الدريوش، مثمرا وواعدا. فشكرا لهذه المرأة الوطنية التي تقود قطاعا حساسا بأناةٍ ورؤية واضحة ، وبهذا الحس الاجتماعي والاقتصادي العميق.
وختاما، يبقى على كل الفاعلين السياسيين والاقتصاديين أن يدركوا أن الاستثمار في قطاع الصيد البحري هو استثمار في الإنسان، في الشغل، وفي العدالة المجالية. وهو ما تعمل عليه كاتبة الدولة بكل تفانٍ، واضعة على رأس أولوياتها الكرامة الاجتماعية والنجاعة الاقتصادية.
#عادل العربي