مجلة المحيط الفلاحي

سلسلة التمور في المغرب.. ركيزة تنموية وأمل متجدد في مواجهة التغيرات المناخية

تأتي سلسلة إنتاج التمور في المغرب اليوم كإحدى الدعائم الأساسية للقطاع الفلاحي والتنمية الاقتصادية للمناطق الواحية، محققةً نجاحات مستمرة رغم التحديات البيئية والمناخية. وفي سياق التغيرات المناخية التي ألقت بظلالها على الإنتاج الفلاحي في السنوات الأخيرة، جاء إعلان وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، السيد أحمد البواري، أمس الاربعاء من أرفود عن توقعات واعدة لمحصول التمور خلال الموسم الفلاحي 2024-2025 بكمية تبلغ حوالي 103 آلاف طن، ليؤكد التزام المملكة بتعزيز سلاسلها الإنتاجية وتثمين مواردها الطبيعية رغم التغيرات المناخية الصعبة .

وللاشارة تسعى وزارة الفلاحة جاهدة لتطوير سلسلة إنتاج التمور في المغرب، وذلك من خلال تدخلاتها وإجراءاتها الرامية إلى تحقيق الأهداف الاستراتيجية الكبرى للقطاع الفلاحي. وتأتي هذه الجهود ضمن إطار استراتيجية “الجيل الأخضر”، التي تواصل مسار التحول والتطور الذي انطلق مع “مخطط المغرب الأخضر”، بهدف تعزيز مكانة التمور المغربية على الصعيدين الوطني والدولي، وتحقيق التنمية المستدامة في المناطق المنتجة لهذه الثروة الزراعية.

على هامش افتتاح الدورة الثالثة عشرة للملتقى الدولي للتمور بالمغرب 2024، الذي يُنظم هذه السنة تحت شعار “الواحات المغربية.. من أجل نظم قادرة على الصمود في ظل التغيرات المناخية”، أكد السيد البواري أن الأمطار الأخيرة أنعشت منسوب المياه الجوفية وزادت من حقينة السدود، ما يبشر بموسم فلاحي جيد قد يعيد الأمل لأهالي الواحات والمستثمرين في القطاع. ومن هنا، يظهر جليًا أن استدامة هذه السلسلة تعتمد على الدعم المستمر للتنمية الشاملة لهذه المناطق وتحفيز العمل التشاركي بين الفاعلين الحكوميين والمهنيين.

كما شهد هذا الملتقى توقيع عدة اتفاقيات، تركزت على تأطير الفلاحين ودعم التعاونيات، من بينها اتفاقية إطار وأربع اتفاقيات خاصة بين الفيدرالية الوطنية البيمهنية لسلسلة التمور والمكتب الوطني للاستشارة الفلاحية، وذلك لتوعية الفلاحين بطرق الزراعة الحديثة وتشجيعهم على تبني استراتيجيات قادرة على مواجهة آثار التغيرات المناخية.

هذه الجهود الملموسة لتطوير سلسلة التمور تعكس رؤية المغرب الثاقبة نحو اقتصاد وطني مستدام يعزز من مكانته في الأسواق الوطنية والدولية، ويعطي الأمل لسكان الواحات في مواكبة التحولات المناخية. ومع انطلاق هذه الدورة الدولية بحضور شخصيات مرموقة ، نجد أن المغرب يسعى إلى تقديم نموذج زراعي يوازن بين التنمية الاقتصادية والمحافظة على البيئة وتنمية العالم القروي .

إننا اليوم أمام منعطف حاسم، حيث يشكل الملتقى الدولي للتمور بالمغرب منصة متميزة تجمع كافة الفاعلين في سلسلة التمور، وتدعم التحول نحو نظم زراعية تراعي البيئة، وتستجيب للتحديات المناخية. ولعل هذا التوجه نحو تنمية الواحات وإعادة تأهيلها، واستمرار غرس مساحات جديدة من نخيل التمر، هو الخطوة المثلى نحو ضمان استدامة هذه السلسلة وتعزيز دورها الحيوي في الاقتصاد الوطني، وجعلها قاطرة للتنمية في المناطق الصحراوية.

ختامًا، نأمل أن يظل الملتقى الدولي للتمور حدثًا سنويًا يعزز من استدامة الواحات، ويتيح الفرص لتحقيق تنمية مستدامة تمكّن هذه السلسلة من الصمود، وتساهم في إثراء الاقتصاد الوطني، وترسيخ مكانة التمر المغربي كرمز للتحدي والصمود في مواجهة التغيرات المناخية.

#عادل العربي

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.