قلعة مكونة تحتفي بالدورة 60 للمعرض الدولي للورد العطري: دينامية تنموية في قلب الواحات المغربية
تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، تحتضن مدينة قلعة مكونة من 5 إلى 8 ماي 2025 فعاليات الدورة الستين للمعرض الدولي للورد العطري بالمغرب، في تظاهرة احتفالية كبرى تُجسد روح الاستمرارية والتجديد في خدمة التنمية المحلية والمجالية المستدامة، وتحول الورد العطري من مجرد منتج تراثي إلى رافعة اقتصادية واجتماعية حقيقية، بفضل تنزيل استراتيجية “الجيل الأخضر 2020-2030”.
وقد ترأس وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، السيد أحمد البواري، اليوم الثلاثاء السادس من ماي، الافتتاح الرسمي لهذا الحدث الدولي، بحضور وازن ضم عامل إقليم تنغير، ورئيس جهة درعة-تافيلالت، ورئيس المجلس الإقليمي لتنغير، ورئيس الغرفة الفلاحية الجهوية، وممثلي الفيدرالية البيمهنية المغربية للورد العطري، بالإضافة إلى مهنيين، ومنتخبين، ووفد رفيع المستوى من مسؤولي الوزارة.
تنمية شاملة ومشاريع واعدة في قلب سلسلة الورد العطري…
في إطار تنفيذ المخطط الفلاحي الجهوي لاستراتيجية الجيل الأخضر، قام السيد البواري والوفد المرافق له بزيارة ميدانية لمجموعة من المشاريع الفلاحية النموذجية، أبرزها ضيعة للورد العطري تمتد على 8.5 هكتارات مجهزة بنظام السقي الموضعي، ووحدة تقطير نسائية تعاونية بالجماعة الترابية سوق الخميس. هذه المشاريع تجسد التمكين الاقتصادي للمرأة القروية، وتُعزز من القيمة المضافة للمنتج المحلي.
وقد تميّزت هذه الدورة بإبراز النتائج الملموسة لتنمية سلسلة الورد العطري، حيث بلغت المساحة المزروعة حالياً 1020 هكتاراً، مسجلةً زيادة في المردودية بنسبة 25%، وتحسيناً لافتاً في دخل المنتجين تجاوز 153%، في حين قُدر الإنتاج الوطني من الورد العطري هذا الموسم بأزيد من 4100 طن، بفضل الظروف المناخية الملائمة.
استراتيجية الجيل الأخضر: استثمار في المستقبل…
بميزانية تناهز 1.35 مليار درهم، يشكل مخطط عمل استراتيجية الجيل الأخضر بإقليم تنغير نموذجاً ناجحاً في التمكين الاقتصادي والعدالة المجالية، حيث شهد برنامج اقتصاد المياه توسعاً غير مسبوق في مساحة الري الموضعي من 106 هكتارات سنة 2008 إلى 2284 هكتاراً سنة 2025، بدعم إجمالي يفوق 101 مليون درهم لفائدة أزيد من 400 فلاح.
كما تم إطلاق أربعة مشاريع جديدة للفلاحة التضامنية بكلفة إجمالية تفوق 190 مليون درهم، تستهدف واحات دادس ومكون، وتُعنى بإعادة تكوين القطيع في الجماعات الجبلية، مما يعكس المقاربة الشاملة والمتعددة الأبعاد التي تنتهجها الوزارة في تدبير المجال القروي.
اتفاقيات استراتيجية وجوائز للتميز…
شهدت فعاليات المعرض توقيع خمس اتفاقيات هامة تمثل دعامة إضافية للتنمية الترابية والفلاحية بالإقليم، أبرزها اتفاقيات للفلاحة التضامنية في دائرتي النيف ومكون، ومشروع لحماية الواحات من الحرائق والفيضانات ضمن رؤية بيئية متكاملة للفترة 2025-2027.
كما تم توزيع جوائز التميز على أفضل الضيعات ووحدات التثمين بواحات دادس وامكون، احتفاءً بالمجهودات الميدانية للفلاحين والفاعلين المحليين الذين يُسهمون في إنجاح هذه السلسلة ذات الرمزية العميقة.
فضاء علمي واقتصادي بامتياز…
ضم المعرض أزيد من 100 رواق، شملت فضاءات مخصصة للورد العطري، والمنتجات المجالية، والآليات الفلاحية، بالإضافة إلى أروقة مؤسساتية وشركات وطنية ودولية. وتميز البرنامج الموازي بندوات وموائد مستديرة وورشات علمية تناولت مواضيع الابتكار، وتدبير الموارد المائية، وآفاق تطوير السلاسل الفلاحية في ظل التغيرات المناخية.
وفي تصريح للصحافة، أبرز السيد البواري أهمية المعرض الدولي للورد العطري، الذي يشكل واجهة تعكس الجهود المبذولة للنهوض بسلسلة الورد العطري على مستوى الجهة.
وأشاد في هذا السياق على الخصوص بالنساء اللواتي يساهمن من خلال إتقانهن لتقنيات الجني والتقطير، في الحفاظ على هذه الثقافة وتعزيزها.
قلعة مكونة… عاصمة الورد العطري وأيقونة للتنمية المستدامة
ستة عقود من تنظيم هذا المعرض جعلت من قلعة مكونة عاصمة رمزية للورد العطري، ومن هذا المنتوج التراثي جسراً نحو آفاق تنموية واعدة. ومع تسارع تنزيل استراتيجية الجيل الأخضر، باتت سلسلة الورد العطري نموذجاً يُحتذى به في تحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على الهوية الثقافية والمجالية للمغرب العميق.
#المحيط الفلاحي : عادل العربي