مجلة المحيط الفلاحي

نحو اقتصاد أزرق تضامني يعزز الكرامة ويصون الثروات…

في زمن تتسارع فيه التحولات الاقتصادية والاجتماعية، وتشتد فيه الحاجة إلى نماذج تنموية أكثر عدالة وشمولًا، يبرز الاقتصاد الاجتماعي والتضامني كخيار استراتيجي يزاوج بين النجاعة الاقتصادية والعدالة الاجتماعية. ومن هذا المنطلق، جاءت مشاركة السيدة زكية الدريوش، كاتبة الدولة لدى وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات المكلفة بالصيد البحري، في أشغال المناظرة الوطنية الخامسة للاقتصاد الاجتماعي والتضامني، التي احتضنتها جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية بمدينة بنجرير، لتؤكد مجددًا التزام الدولة المغربية، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، بإرساء دعائم تنمية بشرية حقيقية ترتكز على الإنسان كقلب للمشروع المجتمعي.

لقد شكّلت الكلمة التي ألقتها السيدة كاتبة الدولة، نيابة عن السيد الوزير أحمد البواري، أمام أنظار رئيس الحكومة والفاعلين الوطنيين، لحظة قوية لتجديد التأكيد على أن الاقتصاد الاجتماعي والتضامني لم يعد مجرّد بديل ظرفي، بل أضحى رافعة حقيقية لتعزيز الإدماج السوسيو-اقتصادي، وتمكين النساء والشباب، وتحقيق السيادة المجالية من خلال استثمار الموارد المحلية في خدمة التنمية المستدامة.

إن قطاع الصيد البحري، الذي تحتضنه آلاف الأسر على طول السواحل الوطنية، يجد في هذا التوجه فسحة أمل وآفاقًا جديدة، عبر تقوية التعاونيات البحرية، وتشجيع المبادرات النسائية، وتثمين المنتجات البحرية في مسالك عادلة. كما أن التوجه نحو إرساء اقتصاد أزرق تضامني، كما أكدت عليه السيدة الدريوش، يُعدّ خيارًا مسؤولًا يروم صون الثروات البحرية، وتوفير فرص عيش كريمة، وضمان استدامة الموارد في ظل التغيرات المناخية والتحديات البيئية.

إننا اليوم أمام لحظة حاسمة لإعادة صياغة تعاقد جديد بين الدولة والمجتمع، تعاقد تُبنى فيه التنمية على التمكين لا التبعية، وعلى العدالة المجالية لا على التمركز، وعلى التضامن كقيمة مؤسسة لا كشعار. ولن يتأتى ذلك إلا بترسيخ منطق السياسة العمومية المندمجة، القائمة على التشبيك بين الفاعلين، والانصات للمجتمعات المحلية، وخاصة الساحلية منها، ومنحها زمام المبادرة في صياغة مستقبلها.

وفي ختام هذه المحطة الهامة، لا يسعنا إلا أن نثمّن عاليًا المجهودات المتواصلة التي تبذلها السيدة زكية الدريوش، منذ تعيينها من طرف صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله، كاتبة للدولة مكلفة بالصيد البحري، حيث بصمت على مسار مهني متميز يتسم بالكفاءة والرؤية الاستباقية، وحرص دائم على جعل قطاع الصيد البحري ركيزة تنموية دامجة ومستدامة، في انسجام تام مع التوجيهات الملكية السامية.

#عادل العربي

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.