الاجتماع الرابع للجنة التنسيق الجهوية لبرنامج “إحياء” بفاس-مكناس: نحو ترسيخ تنمية قروية مستدامة ومندمجة
في إطار تنفيذ برنامج احياء، الذي تقوده وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، بشراكة مع الوكالة الفرنسية للتنمية (AFD) والاتحاد الأوروبي (EU)، انعقد اليوم الخميس الرابع والعشرون من يوليوز في مكناس الاجتماع الرابع للجنة التنسيق الجهوية لجهة فاس-مكناس. ويندرج هذا الاجتماع في إطار الحكامة الترابية للبرنامج، ويمثل مساحة للحوار الاستراتيجي بين الشركاء المعنيين بالتنمية الفلاحية والقروية المستدامة.
و تمكن أرضية التشاور متعددة القطاعات هذه من تعزيز تقارب الجهود، وتقييم الإنجازات على أرض الواقع، ومواءمة الأولويات الإقليمية مع المبادئ التوجيهية الوطنية لاستراتيجية الجيل الأخضر 2020-2030، والتي يُعد برنامج احياء احد رافعاتها التنفيذية.
وحسب معطيات رسمية تحصلت عليها مجلة “المحيط الفلاحي”شهد عام 2025 تعزيزًا نوعيًّا لحضور برنامج “إحياء” داخل جهة فاس-مكناس، وذلك من خلال سلسلة من التدخلات المهيكلة والمندمجة، التي رُصد لها غلاف مالي تجاوز 37,13 مليون درهم.
وقد انصبت هذه التدخلات على محاور ذات أولوية واستراتيجية، في مقدمتها تأهيل البنية التحتية للتكوين المهني الفلاحي، عبر تجهيز المؤسسات بمرافق رياضية حديثة، تروم النهوض بالاندماج الاجتماعي للشباب القروي، وتوفير بيئة تعليمية محفزة، تُراعي حاجيات التكوين الشامل، الجسدي والمعرفي على حد سواء.
وفي السياق ذاته، استفادت عدد من التنظيمات المهنية الفلاحية من دعم بنيوي مكّنها من تطوير قدراتها في مجالات الإنتاج والتثمين والتسويق، وذلك من خلال تزويدها بالخلايا النحلية، وتجهيزات التحويل والتلفيف، فضلًا عن مواكبتها نحو الامتثال للمعايير الصحية والبيئية المعمول بها، بما يعزز تنافسية منتجاتها في الأسواق المحلية والوطنية.
كما أولى البرنامج عناية خاصة بتعزيز صمود المنظومات الفلاحية في مواجهة التغيرات المناخية، من خلال إدماج حلول مبتكرة كآلات البذر المباشر ووحدات زراعة الشعير المائي، ما ساهم في رفع فعالية الموارد المتاحة وتعزيز استدامة الأنظمة الإنتاجية، لاسيما في المناطق الهشة.
وانسجامًا مع مقاربته المجالية، بادر البرنامج إلى إطلاق دينامية تنموية تهدف إلى تحديث سلاسل التسويق المحلي، وذلك عبر إعداد دراسات معمارية وتقنية لإعادة تأهيل الأسواق القروية بكل من إيموزار مرموشة، آزرو وأغروى، إلى جانب الشروع في تهيئة المجازر الجماعية بغفساي وآزرو، وفقًا لمقاييس الصحة والسلامة المعتمدة.
وفي أفق سنة 2026، يستعد البرنامج للانتقال إلى مرحلة نوعية جديدة، عبر تنزيل برمجة طموحة يُقدَّر غلافها المالي بـ76 مليون درهم.
وتهدف هذه البرمجة إلى مواصلة جهود التأهيل والتمكين، من خلال إعادة تأهيل البنيات التربوية والبيداغوجية بمؤسسات التكوين بكل من ساحل بوتهار وعين تاوجطات، وتوسيع نطاق زراعة الشعير المائي عبر وحدات متنقلة لدعم صمود القطيع ومربي الماشية، وكذا إحداث وتحديث وحدات تثمين المنتجات المجالية، بما يشمل العسل، والزيت، والجبن، والنباتات العطرية والطبية، في انسجام تام مع رؤية التنمية المستدامة.
كما ستتم مواكبة التحول نحو الفلاحة الإيكولوجية، وتعزيز حكامة التنظيمات المهنية الفلاحية، وتشبيك التعاونيات، وتنشيط سلاسل القيمة الواعدة، بما يعزز فرص التشغيل والدينامية الاقتصادية المحلية.
وبهذه المناسبة، قال السيد كمال هدان، المدير الجهوي للفلاحة بجهة فاس مكناس: في تصريح صحفي “يساهم برنامج احياء في إرساء ديناميكية ترابية جديدة قائمة على خلق الفرص الاقتصادية، وتعزيز الإنتاج المحلي، وتعبئة الشباب حول مشاريع ملموسة. وبفضل تعزيز التنسيق بين الشركاء المحليين، نساهم في بناء فلاحة أكثر كفاءة وشمولاً واستشرافاً للمستقبل”.
من جانبها أكدت السيدة كويتيري بينسان، مديرة مكتب الوكالة الفرنسية للتنمية بالرباط، قائلةً: “إن التعاون بين الوكالة الفرنسية للتنمية ووزارة الفلاحة في إطار برنامج احياء يُجسّد التزامنا المشترك بالتنمية الفلاحية المتكاملة والمرنة. وتُظهر النتائج المُلاحظة في فاس-مكناس أهمية هذه المقاربة المجالية.”
السيدة ليز باتيه، رئيسة قسم التنمية الإقليمية والاجتماعية في بعثة الاتحاد الأوروبي لدى المغرب، اوضحت في تصريحها أن برنامج احياء بعد أداةً فعّالة لتحقيق تحوّل إقليمي إيجابي. فهو يُلبّي بشكل ملموس احتياجات الشباب والتعاونيات والجهات المعنية المحلية لتعزيز الزراعة المستدامة والتنافسية والشاملة.”
وللاشارة يسعى برنامج احياء الذي يندرج في استراتيجية الجيل الأخضر 2020-2030، إلى تحقيق طموح واضح: إنعاش المناطق القروية من خلال خلق فرص الشغل وريادة الأعمال والزراعة البيئية والابتكار. وبجهة فاس-مكناس، على غرار جهات البرنامج الأخرى، يهدف البرنامج إلى إرساء جيل جديد من المبادرات القروية المُستدامة التي تُجسّد القيمة والأثر والمرونة.
#المحيط الفلاحي : عادل العربي