مجلة المحيط الفلاحي

البحث العلمي والتكنولوجيا الحديثة دعامة لتطوير الإنتاج الفلاحي…

 يشكل الاعتماد على البحث العلمي والتكنولوجيات الحديثة دعامة أساسية لتطوير الإنتاج الفلاحي بالمغرب وأيضا تحقيق الأمن الغذائي وتعزيز الاقتصاد الوطني، خاصة في سلاسل الإنتاج ذات القيمة المضافة العالية كزراعة العنب.

 وفي هذا السياق، تبرز أهمية العلوم البيولوجية، والفيزيولوجيا النباتية في تحسين جودة الإنتاج ورفع المردودية، عبر الفهم الدقيق للعوامل المؤثرة على نمو النباتات، واستخدام تقنيات السقي والتغذية بطرق علمية مدروسة، تضمن استدامة الموارد الطبيعية وتحسين دخل الفلاحين.

 وتتجلى نجاعة هذه المقاربة العلمية، بشكل خاص، مع توالي سنوات الجفاف، وما رافقها من ضغط على الموارد المائية؛ مما يبرز الحاجة الماسة إلى اعتماد تقنيات مبتكرة، كتحلية المياه الجوفية ذات الملوحة العالية، وتوظيف التكنولوجيا الحديثة للرفع من فعالية الإنتاج ومواجهة مختلف الإكراهات التي تعترض القطاع الفلاحي.

 ولدعم هذا التوجه الأكاديمي والتطبيقي، نظمت الكلية متعددة التخصصات بالناظور، مؤخرا، زيارة ميدانية لفائدة 100 طالبة وطالب بسلك الإجازة في شعبة البيولوجيا، إلى إحدى الضيعات النموذجية لإنتاج عنب المائدة بجماعة بني وكيل بإقليم الناظور، وذلك في إطار درس ميداني حول مادة الفيزيولوجيا النباتية.

 وشكلت هذه الزيارة التطبيقية، فرصة هامة للطلبة للانفتاح على واقع الإنتاج الفلاحي، واكتساب معارف عملية حول فيزيولوجيا النباتات، من خلال التطرق لثلاث محاور رئيسية همت تغذية النبات والعناصر الغذائية، وتقنيات السقي وفسيولوجيا النبات (كفاءة استخدام الماء)، إضافة إلى آليات التركيب الضوئي وعلاقته بإنتاجية وجودة المحصول.

 واطلع المشاركون في هذه المبادرة العلمية على مراحل إنتاج العنب، ومختلف التقنيات المستعملة في الضيعة، بما في ذلك تحلية المياه الجوفية التي تعرف نسبة ملوحة تتراوح بين 5 و7 غرامات في اللتر الواحد، وهي تقنية أضحت ضرورية بالنظر للإجهاد المائي الذي تعاني منه المنطقة.

 وأكد أستاذ مادة الفيزيولوجيا النباتية بالكلية متعددة التخصصات الناظور، كمال أبركاني، أن هذه الزيارة كانت فرصة لاطلاع الطلبة على كيفية تطبيق المفاهيم النظرية المتعلقة بتغذية النبات والعناصر المغذية، كالآزوت، والفوسفور، والبوتاسيوم، وكذا تقنيات الري، مبرزا أهمية هذه المبادرة في ربط المعرفة الأكاديمية بالممارسات الزراعية الميدانية.

 وأضاف في تصريح صحفي ، أن هذه التجربة سمحت للطلبة بالتفاعل المباشر مع مزارعين ذوي خبرة في إنتاج العنب؛ ما سيعزز فهمهم للعلاقة بين الدروس العلمية والممارسة التطبيقية، وإدراكهم للبعدين الاقتصادي والاجتماعي للفلاحة، التي تمثل إحدى الركائز الحيوية للاقتصاد الوطني.

 وأشار إلى أهمية تعميم مثل هذه المبادرات لأثرها الإيجابي في تعزيز كفاءات الطلبة وربطهم بالواقع المهني، خاصة في ظل تطور حاجيات سوق الشغل وتزايد الطلب على كفاءات علمية مؤهلة في الميدان الفلاحي والبيئي.

 ومن جانبه، أبرز مصطفى المحمودي، صاحب الضيعة المستضيفة، أن الزيارة شكلت مناسبة لتحفيز الطلبة على الانخراط في البحث العلمي الزراعي، مشيرا إلى أهمية التعاون المستمر بين الجامعة والمزارعين، خاصة فيما يتعلق بنقل نتائج الأبحاث وتطبيقها ميدانيا.

 وأوضح أن المزارعين بالمنطقة يعملون على اعتماد تقنيات تحلية المياه وترشيد استهلاكها، وذلك للتغلب على مشكل قلة المياه الذي تعرفه المنطقة، وهو ما يتطلب دعما علميا متواصلا من الجامعة ومراكز البحث.

 من جهتها، أشارت الطالبة وفاء الإمامي، إلى أن هذه الزيارة العلمية عززت استيعابها للمفاهيم النظرية التي درستها في مادة الفيزيولوجيا النباتية، من خلال المعاينة الميدانية.

 وأضافت أن هذه المبادرة مكنتها من التعرف على كيفية التعامل مع العوامل المؤثرة على نمو النبات، كالماء، والضوء، والتربة، وأهمية العناصر المعدنية في تغذيته، مؤكدة على أهمية تكامل المعارف النظرية والممارسة التطبيقية.

 وشكلت هذه المبادرة نموذجا للتعاون المثمر بين الجامعة والفاعلين في القطاع الفلاحي، بما يفتح آفاقا واعدة لإقامة شراكات مستقبلية، تشمل تنظيم ورشات تكوينية وبرامج تدريبية، وإطلاق مبادرات بحثية مشتركة من أجل النهوض بالقطاع الفلاحي ومواجهة تحدياته العلمية والبيئية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.