مجلة المحيط الفلاحي

الفلاحة والماء… أولوية ملكية سامية

لم يكن اختيار الفلاحة والماء كأولوية وطنية محض صدفة أو ظرفية عابرة، بل هو تجسيد لرؤية ملكية بعيدة المدى، تستشرف المستقبل وتعي جيداً حجم التحديات البيئية والمناخية التي تواجه بلادنا والمنطقة برمتها. فمنذ اعتلاء جلالة الملك محمد السادس نصره الله عرش أسلافه الميامين، لم تخلُ خطبه السامية ولا توجيهاته الاستراتيجية من التأكيد على أهمية الأمن المائي والسيادة الغذائية كركيزتين أساسيتين للاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، وكمحورين جوهريين في مسار التنمية المستدامة.

لقد أبانت التوجيهات الملكية السامية عن وعي عميق بالتغيرات المناخية المتسارعة، وبالتحولات الجيوسياسية التي تفرض على المغرب تعزيز قدراته الذاتية في مجال إنتاج الغذاء وتأمين الموارد المائية، من خلال إطلاق برامج هيكلية كـ”الجيل الأخضر 2020-2030″ و”البرنامج الوطني للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي 2020-2027″. وهي مشاريع مهيكلة لا تقتصر على البنية التحتية فقط، بل تشمل إصلاحات تشريعية وحوافز استثمارية تهدف إلى عقلنة استعمال الموارد وتبني أنماط إنتاج مستدامة.

ولأن الفلاحة ليست مجرد قطاع اقتصادي، بل قضية وجودية ترتبط بهوية الإنسان المغربي وارتباطه بأرضه، فقد أولى جلالته عناية خاصة للفلاح الصغير، ولساكنة العالم القروي، باعتبارهم خط الدفاع الأول في معركة الحفاظ على الأمن الغذائي والتوازن البيئي.

إن الرؤية الملكية السامية تجعل من الماء والفلاحة ليسا فقط ملفين قطاعيين، بل شأناً سيادياً بامتياز، يتطلب تعبئة وطنية شاملة، ومقاربات مبتكرة، واستثماراً في البحث العلمي والتكنولوجيا، لضمان مستقبل آمن للأجيال القادمة.

#عادل العربي

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.