المغرب يبرز ريادته في الحفاظ على التربة بمؤتمر “الفاو “الدولي للشراكة العالمية للتربة بروما…
في إطار مشاركته الفاعلة في أشغال الدورة الثالثة عشرة للجمعية العامة للشراكة العالمية من أجل التربة (GSP)، التي إنعقدت بمقر منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) في روما، قدّم المغرب ممثلا عن وزارة الفلاحة الدكتور رشيد مصدق، الباحث بالمعهد الوطني للبحث الزراعي (INRA) والمركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة (إيكاردا) ، عرضًا علميًا دقيقًا حول خصائص التربة بالمملكة، مركزًا على التحديات المرتبطة بملوحة التربة والتعرية، وسبل مكافحتها في ظل التغيرات المناخية المتسارعة.
وأكد الدكتور مصدق على أهمية التربة كعنصر استراتيجي في تحقيق الأمن الغذائي واستدامة الأنظمة الزراعية، مشيرًا إلى ضرورة تبني ممارسات فعالة ومستدامة لحمايتها من التدهور. وفي هذا السياق، أعلن عن تنظيم المملكة المغربية لندوة دولية حول موضوع التربة والمياه: من أجل الحفاظ على الزراعة في ظل التغيرات المناخية ، وذلك خلال الفترة من 15 إلى 17 شتنبر 2025، بتنظيم مشترك بين المعهد الوطني للبحث الزراعي، وإيكاردا، ومجموعة “وازواك” الدولية، من أجل تعميق النقاش العلمي والتقني حول قضايا التربة والمياه.
من جهة أخرى، شهد المؤتمر الدولي حدثًا بارزًا تمثل في الإعلان عن شروع المجتمع الدولي في بلورة قانون دولي للتربة، سيلزم جميع الدول الأعضاء باعتماده وتنفيذه لحماية هذا المورد الحيوي. وسيشرف خبراء دوليون على صياغته خلال المرحلة المقبلة، تماشياً مع التوجه العالمي نحو الاستخدام الرشيد للأسمدة، والحفاظ على البيئة وصحة التربة.
وفي سياق عرض التجارب الناجحة، قدم الدكتور مصدق، باسم وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، تجربة المغرب الرائدة في برنامج “مليون هكتار للزراعة الحافظة”، الذي يشكل نموذجًا ناجحًا في اعتماد تقنيات الزراعة بدون حرث والتدوير الزراعي للحفاظ على خصوبة التربة وتحسين مردودية الأراضي الزراعية.
وشهدت الدورة كذلك مشاركة متميزة لمجموعة “OCP”، الشريك الاستراتيجي لمنظمة الأغذية والزراعة (FAO) والشراكة العالمية من أجل التربة.
وقد مثل المجموعة الدكتور ليوناردوس فيرغوتز، المسؤول العلمي الرئيسي لدى “Nutricrops”، حيث ألقى كلمة يوم الخميس 5 يونيو خلال الجلسة المخصصة لمساهمات الشركاء في الإدارة المستدامة للتربة.
وقد استعرض في مداخلته النموذج العلمي المتكامل لمجموعة “OCP”، والذي يتمحور حول خدمة الفلاحين في مختلف أنحاء إفريقيا، من خلال حلول مبتكرة تعتمد على العلم والتقنية للمساهمة في التحول الزراعي الشامل.
وأكد الدكتور فيرغوتز على أهمية البيانات الفلاحية، مشيرًا إلى أنها ليست مجرد منفعة عامة مجردة، بل مورد استراتيجي يجب أن يخدم الفلاح أولاً وقبل كل شيء، في إشارة إلى التوجه الذي تتبناه المجموعة في جعل التحول الرقمي في خدمة الفلاحين والتنمية المستدامة.
هذا الحضور العلمي والمؤسساتي المغربي المتنوع يعكس التزام المملكة الراسخ بالمساهمة في رسم ملامح مستقبل مستدام للتربة والزراعة على الصعيد العالمي، من خلال تعزيز البحث العلمي، وتبادل الخبرات، وتكريس شراكات فاعلة ومتعددة الأطراف.
على هامش المؤتمر وفي خطوة تُجسّد الاعتراف الدولي بالكفاءات العلمية المغربية في مجال البحث الزراعي وحماية الموارد الطبيعية، تم تعيين الدكتور رشيد مصدق، الباحث بالمعهد الوطني للبحث الزراعي (INRA) والمركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة (ICARDA)، كخبير رسمي ضمن الفريق الفني الحكومي الدولي المعني بالتربة (ITPS) التابع للشراكة العالمية من أجل التربة (GSP) لدى منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو ).
حيث تم اختيار الدكتور مصدق ليمثل مجموعة إقليم الشرق الأدنى وشمال إفريقيا في هذا الفريق التقني الرفيع، الذي يضطلع بدور محوري في التوجيه العلمي وإعداد السياسات الدولية ذات الصلة بإدارة التربة واستدامتها.
وفي رسالة رسمية إطلعت عليها مجلة “المحيط الفلاحي ” تحمل توقيع السيد “Lifeng Li”، مدير قسم الأراضي والمياه بالفاو، عبّرت المنظمة عن امتنانها لانضمام الدكتور مصدق إلى الفريق التقني، مؤكدة تطلعها إلى التعاون الوثيق معه من أجل تعزيز الإدارة المستدامة للتربة على المستويين الإقليمي والدولي.
ويمثل هذا التعيين اعترافًا عالميًا بجهود الدكتور رشيد مصدق وإسهاماته القيمة في مجال علوم التربة والبحث الزراعي، سواء من خلال أبحاثه العلمية المتميزة أو عبر مشاركته الفعالة في مبادرات التنمية المستدامة المتعلقة بالتربة والموارد الطبيعية في المناطق الجافة وشبه الجافة.
كما يعكس هذا الإنجاز المكانة الرائدة التي بات يحتلها المغرب على الصعيد العلمي والبيئي، بفضل كفاءات وطنية عالية التأهيل تساهم في صناعة القرار العلمي العالمي، وتضع المملكة في صلب جهود التصدي للتحديات المناخية وضمان الأمن الغذائي العالمي.
وللاشارة شهدت الجمعية العامة حضورًا شخصيًا بلغ 162 شريكًا، من بينهم 110 مندوبين و52 شريكًا من الشراكة العالمية للتربة، إلى جانب مشاركة 795 مشاركًا عبر الإنترنت. وقد مثّل هؤلاء المشاركون طيفًا واسعًا من الجهات المعنية، بما في ذلك الأوساط الأكاديمية، والمنظمات غير الحكومية، وجمعيات المزارعين، ووكالات الأمم المتحدة.
#المحيط الفلاحي : عادل العربي