مجلة المحيط الفلاحي

حظر صيد الحبار جنوب سيدي الغازي: خطوة حاسمة لحماية الموارد البحرية وضمان استدامتها

في إطار الرؤية الاستراتيجية لمخطط “آليوتيس” الهادف إلى الحفاظ على الموارد السمكية واستغلالها بشكل مستدام، وتعزيزا لنهج التدبير المعقلن للمصايد الوطنية، أصدرت كتابة الدولة المكلفة بالصيد البحري المقرر الوزاري رقم 25 PLP-01 بتاريخ 28 مارس 2025، الذي ينص على توقيف نشاط صيد الأخطبوط على طول الساحل الوطني لموسم ربيع 2025، وذلك خلال الفترة الممتدة من فاتح أبريل إلى غاية 31 ماي 2025.

وفي سياق هذا القرار، نصت المادة السادسة من المقرر ذاته على حظر مؤقت لصيد الحبار (Seiche) جنوب سيدي الغازي (عند خط العرض 26°24’ شمالا)، خلال مدة التوقف البيولوجي لصيد الأخطبوط. وجاء هذا الإجراء بناءً على توصيات المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري، الذي رصد مؤشرات مقلقة بشأن فرط استغلال هذا الصنف في السنوات الأخيرة.

أرقام صادمة تؤكد استنزاف المخزون السمكي

تشير بيانات المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري إلى ارتفاع كميات الحبار المصطادة بنسبة 81% بين عامي 2022 و2023، وهو ما يعكس تكثيف عمليات الصيد لهذا النوع. إلا أن الوجه الآخر لهذه الزيادة تمثل في انخفاض حاد بنسبة 50% في الكميات المصطادة بين سنتي 2023 و2024، حيث تراجع الإنتاج من 35,877 طناً في 2023 إلى 18,013 طناً فقط في 2024. هذا التراجع الحاد يعكس خطورة الضغط المتزايد على المصيدة، ويثير مخاوف جدية بشأن قدرة هذا المورد على التجدد واستعادة عافيته الطبيعية.

قرار حظر الصيد: خطوة ضرورية لحماية المصيدة…

يأتي قرار حظر صيد الحبار جنوب سيدي الغازي كإجراء وقائي واحترازي لضمان استدامة هذا المورد البحري، وذلك انسجامًا مع توصيات المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري، الذي شدد على ضرورة اعتماد تدابير خاصة لمواجهة فرط الاستغلال. ويهدف هذا الإجراء إلى إتاحة الفرصة لمخزون الحبار لاستعادة مستوياته الطبيعية، وتعزيز قدرته على التجدد، بما يضمن استمرارية المصيدة وتفادي مخاطر الاندثار.

موازنة بين الاستغلال والاستدامة…

تعكس هذه التدابير حرص السلطات المختصة على تحقيق توازن دقيق بين استغلال الموارد البحرية ومتطلبات الحفاظ على استدامتها. فتوقف نشاط صيد الأخطبوط، إلى جانب حظر صيد الحبار خلال فترة الراحة البيولوجية، يعدان ركيزتين أساسيتين ضمن السياسات الرامية إلى حماية التنوع البيولوجي البحري، وضمان استمرار نشاط الصيد بطريقة مسؤولة ومستدامة.

إشادة بمجهودات كاتبة الدولة المكلفة بالصيد البحري…

لا يمكن الحديث عن هذه القرارات الجريئة دون الإشادة الكبيرة بالمجهودات الجبارة التي تبذلها السيدة زكية الدريوش كاتبة الدولة المكلفة بالصيد البحري منذ تعيينها من طرف صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله. فمنذ توليها هذه المسؤولية، أبانت عن كفاءة عالية ورؤية استراتيجية واضحة، مكرسة جهودها لحماية الثروة السمكية الوطنية وضمان استدامتها للأجيال القادمة.

لقد اتسمت سياستها في تدبير القطاع بالاستباقية والصرامة العلمية والحرص الدائم على إشراك الفاعلين المعنيين، مما انعكس إيجابًا على دينامية الصيد البحري بالمغرب. كما أن التفاعل السريع مع توصيات المعاهد البحثية، واتخاذ تدابير جريئة لحماية المخزون السمكي، يعكسان وعيًا عميقًا بأهمية المحافظة على هذا المورد الحيوي، الذي يشكل أحد دعائم الاقتصاد الوطني وأساس الأمن الغذائي للبلاد.

إن ما تحقق إلى اليوم هو ثمرة قيادة رشيدة ورؤية إصلاحية متبصرة، تعزز مكانة المغرب كدولة رائدة في مجال التدبير المستدام لموارده البحرية، وهو ما يتماشى مع التوجيهات السامية لجلالة الملك محمد السادس حفظه الله، الذي يحرص دائمًا على ضمان حسن استغلال الثروات الوطنية، وفق مقاربة توازن بين التنمية الاقتصادية والمحافظة على البيئة.

#المحيط الفلاحي والبحري : عادل العربي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.