خبراء ومسؤولون يرسمون مستقبل زراعات الحبوب والقطاني في رحاب المعرض الدولي للفلاحة بمكناس..
في سياق تتزايد فيه التحديات المناخية والتقلبات الجيوسياسية العالمية، شكّلت الندوة العلمية حول “رهانات سلسلة زراعات الحبوب والقطاني” لحظة مفصلية ضمن فعاليات الدورة السابعة عشرة للمعرض الدولي للفلاحة المنعقد اليوم الخميس 24 من أبريل بالعاصمة الإسماعيلية مكناس، حيث طُرحت خلالها إشكاليات استراتيجية تتعلّق بإنتاج الحبوب والقطاني، وأفق تموين السوق الوطنية بها في ظل واقع “هيكلية الجفاف” وتداخل الأزمات الدولية.
من أجل سيادة غذائية حقيقية…
وخلال جلسة حوارية تميّزت بحضور نخبة من المهنيين والباحثين، أعاد السيد عمر اليعقوبي، رئيس الفدرالية الوطنية لتجار الحبوب والقطاني ، التأكيد على مطلب جوهري لمهنيي القطاع، والمتمثل في رفع منحة التخزين عن كل قنطار من الحبوب من 5 إلى 7 دراهم، داعياً إلى دعم وتقوية دعم الإنتاج الوطني وتقوية منظومته.
وأشار اليعقوبي إلى أهمية تكوين مخزون استراتيجي آمن من الحبوب، يقلل من التبعية للأسواق الدولية المتقلبة، خاصة في ظل تداعيات الحرب الأوكرانية-الروسية، وأزمات الشحن والنقل، إضافة إلى سنوات الجفاف المتتالية التي عصفت بالأراضي الزراعية المغربية. وذكّر بأن تقلبات السوق ليست وليدة اللحظة، بل بدأت منذ أزمة 2008، ما يفرض اعتماد رؤية بعيدة المدى.
آليات جديدة للتموين والتخزين…
من جانبه، استعرض السيد بلال حجوجي، مدير المكتب الوطني المهني للحبوب والقطاني، مجموعة من الآليات المؤطرة لعمل المكتب في سبيل ضمان تموين السوق بكميات كافية من الحبوب والقطاني. واعتبر أن هذا التحدي لا يمكن رفعه إلا من خلال مصفوفة متكاملة تشمل تطوير البحث العلمي الزراعي، واعتماد تقنيات الزرع المباشر، وتتبع التخزين بوسائل تكنولوجية متقدمة.
وأشار إلى أن بلوغ الاكتفاء الذاتي في سلسلة إنتاج الحبوب والقطاني يشكل هدفاً استراتيجياً ضمن رؤية “الجيل الأخضر 2030”، مبرزاً أن إشراف المكتب على إعلان طلبات العروض يندرج في سياق دعم الشفافية وتحفيز الإنتاج المحلي.
نتائج مشجعة للبحث العلمي…
الحضور العلمي كان وازناً في هذه الندوة، خاصة مع مداخلة الباحث موحى فراحي، رئيس قسم التحسين الوراثي والمحافظة على الموارد الوراثية بالمعهد الوطني للبحث الزراعي، الذي عرض معطيات ميدانية دقيقة عن نجاعة برامج البحث في تحسين سلالات الحبوب المقاومة للجفاف.وأكد فراحي أن الأبحاث الميدانية في عدة مناطق مغربية أفضت إلى نتائج مشجعة.
الزرع المباشر مفتاح الزراعة المستدامة…
وفي ذات السياق، شارك الدكتور رشيد مصدق الباحث المتميز بالمعهد الوطني للبحث الزراعي وإيكاردا ، المنسق الوطني لمشروع الزرع المباشر، بمداخلة وازنة حول أهمية هذا النمط الزراعي في الحفاظ على الموارد المائية والتربة، مؤكداً على دوره الحيوي في التكيّف مع الجفاف، وتثبيت الإنتاج الزراعي دون استنزاف المنظومات البيئية الهشة.
وأكد الدكتور مصدق رصد نتائج جيد إيجابية برفع الغلّة بنسبة تراوحت بين 30 و100% حتى في ظروف الجفاف، وتحقيق تحسُّن ملحوظ في كفاءة استعمال المياه، وتعزيز المحتوى العضوي للتربة بنسبة تصل إلى 25%. هذه النتائج تعزز الثقة في قدرة المغرب على تخطي التحديات المناخية عبر مدخل العلم والمعرفة.
جاءت هذه الندوة العلمية بمكناس لتدق ناقوس التحوّل، مُجسدةً وعياً جماعياً بضرورة الاستثمار في المعرفة والبحث العلمي ، وتعبئة الموارد من أجل إنتاج وطني متين وسيادة غذائية .
#المحيط الفلاحي : متابعة