مجلة المحيط الفلاحي

طنجة ..افتتاح أشغال الدورة الثالثة من قمة إفريقيا الزرقاء

افتتحت، اليوم الخميس بطنجة، فعاليات الدورة الثالثة من قمة إفريقيا الزرقاء المنظمة بمبادرة من أكاديمية المملكة المغربية والموسم الأزرق.

ويجمع هذا الحدث الهام، المنظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، صناع القرار الأفارقة وخبراء علميين وفاعلين اقتصاديين، لتسليط الضوء على الرؤية المتعلقة ب”الميثاق من أجل إفريقيا زرقاء مستدامة”، الذي يضع المحيط في صلب مستقبل القارة الإفريقية.

وفي كلمة بالمناسبة، أوضحت كاتبة الدولة لدى وزير الفلاحة والتنمية القروية والمياه والغابات، المكلفة بالصيد البحري، السيدة  زكية دريوش، أنه على الرغم من أن القارة الأفريقية تمتلك ثروة بحرية استثنائية، إلا أن إفريقيا الزرقاء، لا تزال إلى حد كبير، غير مستغلة بشكل كاف، أو هشة بسبب الضغوط المناخية، التلوث البحري، فقدان التنوع البيولوجي، الصيد غير المشروع، ونقص البنيات التحتية المينائية والوجستية.

وأضافت أن “هذه التحديات تشكل في حد ذاتها فرصة لتحويل علاقتنا مع المحيط إلى رافعة للرخاء، والابتكار، والتضامن”، موضحة أن هذا هو بالضبط الطموح الذي يحمله “الميثاق من أجل إفريقيا زرقاء مستدامة” الذي تم تقديمه في مدينة نيس يونيو الماضي في إطار البرنامج الرسمي لمؤتمر الأمم المتحدة الثالث للمحيطات، والذي يهدف إلى إعطاء صوت قوي وموحد وموثوق لأفريقيا في الحوكمة العالمية للمحيطات.

كما شددت على أن المملكة المغربية، ووفقا للرؤية المستنيرة لجلالة الملك، الذي يضع الواجهة الأطلسية المغربية في صلب الاهتمام الجيو-استراتيجي، كجسر حقيقي يربط بين أفريقيا، وأوروبا، والأمريكيتين، و فضاء مفتوحا أمام البلدان الأفريقية الشقيقة غير الساحلية، قد جعلت من المحيط واستدامة استغلاله محورا أساسيا لاستراتيجياتها.

وفي هذا السياق، أشارت إلى أن استراتيجية “أليوتيس” التي أطلقها جلالة الملك عام 2009، وتعزيز البحث العلمي، وإحداث محميات بحرية، والتخطيط المكاني البحري، ومكافحة الصيد غير المشروع، وكذلك تبني خارطة طريق وطنية للاقتصاد الأزرق مؤخرا، تجسد طموحا واحدا وهو : التوفيق بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على النظم البيئية البحرية.

من جهته، أكد أمين السر الدائم لأكاديمية المملكة المغربية السيد عبد الجليل الحجمري، أن الميثاق من أجل مستقبل مستدام للأطلس الإفريقي يندرج ضمن إعلان رسمي الذي يهدف إلى إعادة منح المحيط المكانة التي يستحقها كمورد مشترك، وخزان للروحانية، وفضاء للتعاون.

وأضاف أن هذه القمة، التي تأكدت مكانتها خلال العامين الماضيين كفضاء للتبادل والتفكير، تأخذ اليوم بعدا جديدا، موضحا أن الفكرة لم تعد مجرد تناسل للتصريحات، بل اقتراح حلول ملموسة، وتقريب التجارب، وبناء تعاون مستدام حول البحر.

بدورها، أبرزت رئيسة الموسم الأزرق، ريم بن زينة، أن هذه الدورة ستتميز بإطلاق أشغال التفكير وكتابة أول ميثاق لأفريقيا زرقاء مستدامة، موضحة أنه سيتم تشكيل أربع مجموعات عمل من الخبراء، يمثلون عددا من بلدان القارة، لوضع اللبنات الأولى لهذا الميثاق.

وأكدت أن هذه المداولات ستغذي عملا جماعيا سيتواصل حتى تقديم الميثاق خلال الدورة الرابعة لقمة “أفريقيا الزرقاء” المرتقبة سنة 2026، مشيرة إلى أن التزام المملكة المغربية كان حاسما في تعزيز الوعي القاري المتجدد بأهمية المحيطات.

وأضافت أن إحداث قمة “أفريقيا الزرقاء”، وتنظيم المشاورات الأفريقية للتحضير للمؤتمر الثالث للأمم المتحدة حول المحيطات، وقمة “أفريقيا من أجل المحيط”، ومصادقة المملكة المغربية على معاهدة أعالي البحار، كلها خطوات تجسد هذا الالتزام، وتفتح الطريق نحو حوكمة عادلة وتعبئة جماعية لمستقبل أزرق للقارة.

أما رئيس المنتدى العالمي للبحر “مير بيزيرت”، باسكال لامي، فيرى أن القارتين الأفريقية والأوروبية وضعتا أجندة للتعاون تقوم على محورين رئيسيين، يتعلقان باستعادة النظم البيئية المائية، وتطوير اقتصاد أزرق مستدام يمنح الأمل للشعوب، مشيرا إلى أن القارتين تبنتا مفهوم “الميثاق من أجل المحيط”، كنموذج منهجي يشرك كافة الفاعلين العموميين والخواص والبيئيين.

وأشاد، كذلك، بالتقدم الذي حصل منذ ثلاث سنوات ضمن قمة “أفريقيا الزرقاء” في طنجة، ملاحظا تزايد التقارب في المواقف على المستوى الدولي.

وفي مداخلة عبر تقنية الفيديو، أكد المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لشؤون المحيطات، بيتر طومسون، على أهمية المضي قدما في تحقيق الهدف 14 من أهداف التنمية المستدامة، معتبرا أن هذا الهدف يعد المسار الأكثر أمانا لبناء علاقة متوازنة مع المحيط، ترتكز على التوازن بين ما تأخذه البشرية من المحيط وما تحافظ عليه، بهدف العيش في انسجام مع هذا الوسط الحيوي، بدلا من اعتباره مجرد مصدر للاستغلال المفرط أو مكبا لنفايات صادرة عن أنماط الإنتاج والاستهلاك.

تجدر الإشارة إلى أن قمة “أفريقيا الزرقاء”، التي نظمت دورتيها الأولى والثانية في 2023 و2024 بطنجة من قبل أكاديمية المملكة المغربية والموسم الأزرق، رسخت مكانتها كموعد سنوي قاري هام يعنى بمختلف قضايا البحار.

وسيتم خلال هذه الدورة الثالثة، التي ستتواصل يوم 10 أكتوبر في طنجة، إطلاق ورش التفكير وكتابة أول ميثاق من أجل أفريقيا زرقاء مستدامة.

ويجتمع في هذا السياق أربع مجموعات من الخبراء من مختلف الدول الأفريقية حول محاور: “الحكامة والأمن”، “العلم والتعليم”، “المجتمع المدني”، و”الاقتصاد والمالية الزرقاء”.

وسوف ت مثل هذه المشاورات قاعدة للعمل المستمر الذي سيتوج بتقديم الميثاق خلال الدورة الرابعة المقررة متم 2026.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.