على هامش سيام مكناس تنظيم ورشة عمل حول صحة التربة ورهان الصمود الزراعي أمام تحديات المناخ
في أجواء علمية راقية، وعلى هامش فعاليات الدورة السابعة عشر للمعرض الدولي للفلاحة بمكناس، نظمت “OCP Nutricrops” بشراكة مع جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية (UM6P)، والمراكز العلمية ARVALIS وIntercéréales، ورشة عمل دوليًة حول موضوع بالغ الأهمية: “صحة التربة وصمود الأنظمة الزراعية أمام التغيرات المناخية”.
افتتح الجلسة السيد رضوان عراش، الكاتب العام لوزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات ، حيث رسم معالم الرؤية الاستراتيجية للمملكة في تحقيق السيادة الغذائية وضمان التدبير المستدام للموارد الطبيعية، مؤكدًا أن صحة التربة أصبحت ركيزة أساسية لأي نموذج زراعي قادر على مقاومة آثار التغير المناخي.
وقد تميز المؤتمر بمداخلة علمية مؤثرة ألقاها الأستاذ العالمي دانيال ناهون، الذي قدم تشخيصًا دقيقًا لوضعية التربة عالميًا، مشددًا على أن الحفاظ على المادة العضوية هو مفتاح الخصوبة الزراعية ومكافحة ظواهر التصحر.
وفي جلسة تبادل الرؤى العلمية والتجارب الميدانية، قدم الدكتور رشيد مصدق الباحث بالمعهد الوطني للبحث الزراعي و”إيكاردا” مداخلة محورية استعرض فيها نتائج التجارب الميدانية للزراعة الحافظة بالمغرب. وأبرز الدكتور مصدق الأثر الملموس لهذه الممارسات في تحسين بنية التربة، زيادة قدرتها على الاحتفاظ بالمياه، وتعزيز تجددها الطبيعي. كما شدد على أهمية مراعاة الخصائص المحلية لكل تربة عند وضع المسارات الزراعية المستدامة، داعيًا إلى إقامة جسر متين بين البحث العلمي والإرشاد الفلاحي والسياسات العمومية لنقل الابتكارات إلى الحقول بشكل واسع وفعال.
وفي ذات السياق، أكد على أهمية الزراعة الحافظة ، مؤكداً على دورها الحيوي في التكيّف مع الجفاف، وتثبيت الإنتاج الزراعي دون استنزاف المنظومات البيئية الهشة.
وأكد الدكتور مصدق عن رصد نتائج جيد إيجابية برفع الغلّة بنسبة تراوحت بين 30 و100% حتى في ظروف الجفاف، وتحقيق تحسُّن ملحوظ في كفاءة استعمال المياه، وتعزيز المحتوى العضوي للتربة بنسبة تصل إلى 25%. هذه النتائج تعزز الثقة في قدرة المغرب على تخطي التحديات المناخية عبر مدخل العلم والمعرفة.
ولم تغب التجارب الفرنسية عن الحدث، حيث استعرض كل من ستيفان جيزاكيل وبونوا بييترمان خبرات بلديهما في مجال التسميد المستدام، فيما سلط نوفل روديس، المدير المشرف على مبادرة “المثمر”، الضوء على إسهامات برنامج “المثمر” في نشر تقنيات التشخيص الدقيق للتربة واعتماد حلول رقمية مبتكرة لفائدة الفلاحين.
من جهته، أبرز أنيس بورعاقدي، مدير قسم الزراعات بـ OCP Nutricrops، التقدم العلمي المحرز في مجال التسميد المعقلن، ودور الابتكار الزراعي في خفض الانبعاثات الكربونية وتعزيز الإنتاجية بطرق تحترم صحة التربة.
وقد اختتم المؤتمر بتوقيع اتفاقية تعاون جديدة بين الأطراف المنظمة، في خطوة عملية لتجسيد التوصيات الصادرة عن اللقاء، وإطلاق مشاريع بحثية تطبيقية مشتركة تهدف إلى بناء منظومة زراعية أكثر مرونة واستدامة في مواجهة التحديات المناخية.
لقد أكدت هذه الورشة مرة أخرى أن التربة، بما تختزنه من حياة، تظل الرهان الأول والأخير لتحقيق الأمن الغذائي وحماية الكوكب.
#المحيط الفلاحي : عادل العربي