من الحقول المغربية إلى موائد المواطنين… وزارة الفلاحة ترسّخ الأمن الغذائي وتزرع الثقة في المستقبل
في السادس عشر من أكتوبر من كل عام، يطلّ علينا اليوم العالمي للأغذية كدعوةٍ إنسانية صادقة للتأمل في حاضر الغذاء ومستقبل الإنسان، وللتذكير بأن الحق في التغذية السليمة والمستدامة هو من أبسط حقوق البشرية، وليس مجرد امتيازٍ اجتماعي. إنها مناسبة لتجديد العهد مع الأرض، ومع قيم التضامن والمسؤولية المشتركة في مواجهة التحديات التي تهدد أمننا الغذائي على الصعيدين الوطني والعالمي، من تغيّر المناخ وشحّ الموارد المائية إلى اضطراب سلاسل التوريد وارتفاع أسعار المواد الأساسية.
وتحت شعار هذه السنة “يدًا بيد من أجل أغذيةٍ ومستقبلٍ أفضل”، تتجه الأنظار إلى ضرورة التعاون بين الدول، والمؤسسات، والمجتمعات المحلية، والمواطنين، في بناء أنظمة غذائية أكثر مرونة وعدلاً واستدامة. فالغذاء ليس مجرد منتج زراعي، بل هو جوهر التنمية البشرية وميزان العدالة الاجتماعية. ومن هنا، يبرز الدور الريادي الذي تلعبه المملكة المغربية في هذا المجال، من خلال رؤية استراتيجية طموحة جعلت من الأمن الغذائي خيارًا وطنيًا لا رجعة فيه.
بقيادةٍ حكيمة من صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، وبفضل الجهود المتواصلة التي تبذلها وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، أصبحت الفلاحة المغربية نموذجًا إقليميًا في بناء الأمن الغذائي وتحقيق التنمية المستدامة. فاستراتيجية “الجيل الأخضر 2020-2030″، جاءت كامتداد طبيعي لنجاحات مخطط المغرب الأخضر، واضعة الإنسان في صلب التنمية، وموجهة بوصلة العمل نحو فلاحٍ مؤهَّل، وشبابٍ حاملٍ للمشاريع، ومواردٍ طبيعيةٍ تُدار بعقلانية ومسؤولية.
من محطات تحلية مياه البحر التي باتت شريان حياة للمناطق الساحلية والجافة، إلى تعميم تقنيات الري الموضعي لترشيد المياه، مرورًا ببرامج تثمين المنتجات المحلية ودعم التعاونيات النسائية والشبابية، يتواصل العمل الدؤوب لترسيخ مفهوم السيادة الغذائية المغربية، أي الاكتفاء الذاتي في المواد الأساسية، وتخفيف التبعية للأسواق الخارجية، وتطوير السلاسل الإنتاجية بما يضمن جودة المنتج وتنافسية الفلاح.
كما أن تعزيز برامج البحث الزراعي والابتكار، وتشجيع استعمال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في مراقبة الإنتاج، ومواكبة التغيرات المناخية، كلها خطوات تؤكد أن المغرب يسير بثبات نحو نموذج فلاحي حديث ومستدام، يوازن بين متطلبات الإنتاج وحماية البيئة.
وفي هذا اليوم العالمي للأغذية، نُحيي بإكبار رجال ونساء الأرض، من فلاحين ومهندسين وتقنيين، الذين يسهرون على أن تبقى موائد المغاربة مملوءه رغم كل الظروف. كما نُجدد التأكيد على أن تحقيق الأمن الغذائي ليس مسؤولية الحكومة وحدها، بل هو مسؤولية جماعية تستدعي مشاركة الجميع — من المستهلك الواعي، إلى الفلاح المنتج، إلى المؤسسات الداعمة.
إن شعار “يدًا بيد من أجل أغذيةٍ ومستقبلٍ أفضل”، يجد صداه العميق في التجربة المغربية، التي تُثبت يومًا بعد يوم أن الإرادة، والعلم، والتعاون هي مفاتيح الغدّ الآمن، وأن مغرب الفلاحة المستدامة هو مغرب السيادة، والكرامة، والازدهار.
🌾🇲🇦: عادل العربي