مجلة المحيط الفلاحي

الجيل الأخضر…إستثمار استراتيجي في طاقات الشباب لبناء مغرب التنمية المستدامة

يشكل الاستثمار في الشباب المغربي أحد أهم الرهانات الاستراتيجية للمملكة، وركيزة أساسية في مسارها التنموي الطموح، الذي يقوده صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله  برؤية استشرافية تجعل من الإنسان، وخاصة الشباب القروي والفلاحي، محور كل المشاريع والإصلاحات الكبرى. فالشباب المغربي اليوم لا يُنظر إليه فقط كطاقة بشرية تحتاج إلى الدعم، بل كقوة اقتراح وإبداع ومبادرة، قادرة على تحويل التحديات إلى فرص، والمشاريع إلى إنجازات ميدانية ذات أثر ملموس.

وفي هذا الإطار، يأتي مشروع “الجيل الأخضر 2020-2030”، كأحد أبرز البرامج الوطنية التي تراهن على الشباب كقاطرة للتنمية الفلاحية والاجتماعية، من خلال مقاربة جديدة تجعل من الرأسمال البشري في صلب السياسات الفلاحية. فالمشروع يهدف إلى إدماج جيل جديد من المقاولين الفلاحيين، وإتاحة فرص حقيقية أمام الشباب للاستثمار في القطاع، عبر تحفيز روح المبادرة المقاولاتية، وتوفير المواكبة التقنية والمالية اللازمة لإنجاح مشاريعهم.

لقد أدركت المملكة، من خلال هذا المخطط الطموح، أن تحقيق السيادة الغذائية والأمن الغذائي لا يمكن أن يتم إلا عبر تمكين الشباب من الوسائل الكفيلة بالابتكار والإنتاج والتنافسية. ولذلك، تم إرساء آليات عملية لتيسير ولوج الشباب إلى العقار الفلاحي، والتمويل، والتكوين المهني الزراعي، فضلاً عن دعم سلاسل الإنتاج المحلي وتشجيع التنظيمات المهنية والمقاولات الفلاحية الناشئة.

ويمثل الجيل الأخضر اليوم فضاءً واعداً لتجديد النخب الفلاحية وتثمين الطاقات الشابة في العالم القروي، إذ يفتح أمامها آفاقاً واسعة في مجالات الزراعة المستدامة، وتثمين المنتوجات المحلية، والتحول الرقمي في الفلاحة، إضافة إلى تشجيع الابتكار في تدبير الموارد المائية ومقاومة آثار التغيرات المناخية.

إن الاستثمار في الشباب ليس مجرد شعار، بل هو مسار استراتيجي لترسيخ نموذج تنموي جديد، قوامه العدالة المجالية، والمساواة في الفرص، والتمكين الاقتصادي والاجتماعي للفئات الشابة، بما يجعلها فاعلاً حقيقياً في بناء مغرب المستقبل، مغرب الكفاءات الخضراء والطاقات المنتجة.

وفي ختام  إفتتاحية اليوم ، لا يمكن الحديث عن هذا التحول العميق في الرؤية الفلاحية الجديدة دون الإشادة بالدور المحوري الذي تقوم به وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، في تفعيل مضامين مشروع الجيل الأخضر 2020-2030. فقد وضعت الوزارة الشباب في صميم أولوياتها، من خلال برامج ميدانية ومبادرات عملية تهدف إلى تأهيل الكفاءات الشابة، وتشجيع روح المقاولة الفلاحية، وتوفير مواكبة تقنية ومالية متكاملة تضمن استدامة المشاريع ونجاحها.

وتبرز مجهودات الوزارة في إرساء آليات الدعم والتكوين المستمر، وتعزيز الشراكات مع المؤسسات المالية والبحثية، وتطوير مراكز الاستشارة الفلاحية والمواكبة القروية، بما يمكن الشباب من الاندماج الفعلي في الدورة الإنتاجية، وتحويل الفلاحة إلى قطاع واعد ومولد لفرص الشغل والإبداع.

إن ما تحقق إلى اليوم من نتائج ملموسة في مختلف جهات المملكة يؤكد أن رهان الجيل الأخضر يسير بثبات نحو تحقيق أهدافه الاستراتيجية، بفضل رؤية واضحة، وتخطيط علمي، وإرادة صادقة من جميع الفاعلين في القطاع.

وهكذا، يواصل المغرب، بفضل جهود وزارة الفلاحة وشركائها، ترسيخ نموذج فلاحي جديد يقوده الشباب، ويستمد قوته من الأرض والابتكار، ومن الإيمان العميق بأن التنمية الحقيقية تبدأ من الإنسان ولأجل الإنسان.

✍️ عادل العربي

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.