مجلة المحيط الفلاحي

الفلاحة العائلية في صلب التحول التنموي: من ثمار مخطط “المغرب الأخضر” إلى آفاق “الجيل الأخضر

جاء مخطط المغرب الأخضر، الذي أطلق سنة 2008 واستمر إلى غاية 2020، كثورة هادئة أعادت الاعتبار للفلاحة العائلية الصغيرة والمتوسطة، وجعلت منها محركاً أساسياً للتنمية القروية المستدامة حيت تلعب هذه الفئة دورا محوريا في الاقتصاد القروي وخلق فرص الشغل وتساهم بشكل كبير في الامن الغذائي . فقد خصص لهذا النسيج الفلاحي حسب معطيات رسمية تحصلت عليها مجلة “المحيط الفلاحي”  دعم مالي بقيمة  52 مليار درهم، وهو ما يمثل 55% من إجمالي المجهود المالي  العمومي للقطاع، في مؤشر واضح على إيمان وزارة الفلاحة العميق بدور الفلاح الصغير في تحقيق الأمن الغذائي، ومواجهة التغيرات المناخية، وتعزيز العدالة المجالية.

لم تكن هذه الأرقام مجرد معطيات مالية، بل تجسدت على أرض الواقع من خلال إطلاق مشاريع مهيكلة استهدفت تأهيل الفلاحين الصغار، وتمكينهم من الوسائل اللازمة لتحسين الإنتاجية، والولوج إلى الأسواق، وتحقيق قيمة مضافة داخل سلاسل الإنتاج. كما حرصت وزارة الفلاحة على توفير بنية تحتية متطورة، ودعمت اعتماد تقنيات السقي العصري وتثمين الموارد الطبيعية، بالإضافة إلى مكافحة آثار الجفاف وتنمية مناطق الواحات التقليدية وتقديم مساعدات وتحفيزات ممولة من صندوق التنمية الفلاحية ، مما ساهم في إرساء دعائم فلاحة مرنة ومندمجة.

وبفضل هذه الاستراتيجية الطموحة، تحولت الفلاحة العائلية من وضع هشاشة وتهميش إلى فاعل رئيسي في الاقتصاد القروي، وشريك أساسي في ورش التحول الزراعي. واليوم، تواصل الوزارة نفس النهج من خلال استراتيجية الجيل الأخضر 2020-2030، التي جعلت من العنصر البشري محورها الأساسي، وفتحت آفاقاً جديدة أمام الشباب والنساء في العالم القروي ليكونوا رواداً لمشاريع ناجعة، ومدخلاً حقيقياً للتنمية المحلية المستدامة.

إن ما تحقق في عهد مخطط المغرب الأخضر، وما يتواصل اليوم في إطار الجيل الأخضر، يعكس بجلاء نجاعة رؤية وزارة الفلاحة، ويبرز عمق التوجهات الملكية السامية التي تضع العالم القروي في صلب السياسات العمومية. فالفلاحة المغربية لم تعد مجرد نشاط تقليدي، بل أضحت نموذجاً للتنمية المندمجة، التي تراهن على الإنسان والمجال في آن واحد، وترسخ مفهوم السيادة الغذائية كأولوية استراتيجية لمستقبل الوطن.

#المحيط الفلاحي: عادل العربي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.