مجلة المحيط الفلاحي

وزارة الفلاحة تكرّس عبر إستراتيجية “الجيل الأخضر” عناية خاصة بالفرس وصون السلالات الوطنية

يشكّل المعرض الدولي للفرس في دورته السادسة عشرة، المنظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، علامة فارقة في المشهد الثقافي والرياضي والفلاحي بالمغرب، إذ يترسّخ عاماً بعد عام كمنصة كبرى للاحتفاء بالفرس، ذاك الرفيق التاريخي للمغاربة ورمز الشجاعة والأصالة والهوية. وقد زاد إشراف صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن على حفل الافتتاح من قيمة هذه الدورة، مؤكداً العناية الملكية المتواصلة بعالم الفروسية، ومترجماً عمق الارتباط بين المؤسسة الملكية وهذا الموروث العريق.

لقد كان لافتاً ما أكده وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، السيد أحمد البواري، بخصوص الأهمية التي تحظى بها سلسلة الخيول الوطنية ضمن إستراتيجية “الجيل الأخضر”، حيث أبان عن رؤية استراتيجية بعيدة المدى، لا تقتصر على الحفاظ على السلالات البربرية والعربية-البربرية فحسب، بل تمتد إلى تثمينها وإبراز دورها في التنمية المحلية والفلاحة التضامنية والسياحة الثقافية. فالفرس المغربي لم يعد مجرد رمز من الماضي، بل أصبح ركيزة من ركائز الاقتصاد القروي، وعنصراً فعالاً في تثمين الهوية الوطنية وربط الأجيال الحاضرة بموروث الأجداد.

إن اختيار شعار هذه الدورة: “العناية بالخيل، رابطة وصل بين ممارسات الفروسية” ليس مجرد شعار بل هو رسالة قوية تعكس فلسفة متكاملة، قوامها الاعتناء بالفرس ككائن نبيل له قيمته في التراث اللامادي، وكجسر يربط بين أصالة التبوريدة وما تحمله من دلالات جماعية وروحية، وبين الممارسات العصرية في تربية وتدريب الخيول وفق المعايير الدولية.

وما يزيد من إشعاع هذه الدورة هو البرمجة الغنية التي تجمع بين البعد العلمي والثقافي والفرجوي، حيث تُنظم مسابقات مرموقة، منها كأس الأبطال للخيول البربرية والعربية-البربرية، والجائزة الكبرى لصاحب الجلالة الملك محمد السادس للقفز على الحواجز، وكذا الجائزة الكبرى للتبوريدة. ويكفي أن نشير إلى أن نسخة هذه السنة تشهد لأول مرة المباراة الدولية لجمال الخيول العربية الأصيلة صنف “أ” في عرض الألقاب “Title Show”، وهو حدث استثنائي يعكس اعتراف الهيئات الدولية بمستوى التميز الذي بلغه المغرب في هذا المجال.

إن هذا المعرض لا يكتفي بإبراز الفرس كعنصر تراثي، بل يسعى إلى ترسيخ صورته كرافعة للتنمية الشاملة، وواجهة لحوار الثقافات، وجسر للتلاقي بين ماضي الفروسية المغربية المجيد، وحاضرها الزاهر، ومستقبلها الواعد في ظل رؤية ملكية حكيمة. فالخيول ليست مجرد ثروة حيوانية، بل هي عنوان حضارة وهوية متجددة، ومن خلال هذه التظاهرة الكبرى، يؤكد المغرب مرة أخرى قدرته على الجمع بين الأصالة والتجديد، وعلى تحويل التراث إلى قوة ناعمة ومصدر إشعاع دولي.

#عادل العربي

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.