ندوة حول تحديات تنفيذ مبادئ الزراعة الإيكولوجية عالميًا: قراءة في التجربة المغربية لزراعة مليون هكتار بالزراعة الحافظة
في إطار فعاليات أسبوع العلوم الذي نظمته جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية (UM6P)، كان الأمن الغذائي في إفريقيا محور مداخلة متميزة قدمها عدة خبراء منهم الدكتور رشيد مصدق الباحث البارز بالمعهد الوطني للبحث الزراعي وإيكاردا و الاستاذ كين جيلر، الباحث سابقا في نظم الإنتاج النباتي بجامعة فاخينينجن الهولندية، الذي سلط الضوء على دور الزراعة التجديدية كنهج زراعي قد يحمل في طياته فرصًا كبيرة لتحسين المحاصيل الزراعية، لكنه في الوقت ذاته قد يمثل تهديدًا حقيقيًا للبيئة الزراعية إذا لم يتم اعتماده وفق أسس علمية مدروسة.
رهانات مختلفة للزراعة الحافظة…
في هذا السياق، تتباين آراء الخبراء بشأن الزراعة الحافظة، حيث يرى البعض أنها قد لا تكون الحل الأمثل لجميع البيئات الزراعية، بينما يؤكد آخرون أنها الخيار الأكثر استدامة لمواجهة تحديات التربة والمناخ.
أما بالنسبة للمغرب، فقد كان تبني الزراعة الحافظة خيارًا استراتيجيًا تم بناؤه على عقود من الأبحاث العلمية، وفق ما أكده الدكتور رشيد مصدق، الخبير الزراعي والباحث في المعهد الوطني للبحث الزراعي وإيكاردا. وأضاف قائلاً:
“نحن نركز على الحفاظ على التربة والمياه بناءً على المعطيات الخاصة بالأراضي المغربية. ومن خلال استراتيجية الجيل الأخضر، أطلقت وزارة الفلاحة مبادرة مليون هكتار من الزراعة الحافظة، حيث يعمل جميع الشركاء يدًا في يد للوصول إلى هذا الهدف. لا يمكننا ببساطة استنساخ تجربة أخرى تختلف معطياتها وظروفها عن واقعنا الزراعي، لأن تربتنا لها خصوصياتها الفريدة التي تتطلب حلولًا متكيفة مع بيئتنا المحلية…”
استراتيجية مليون هكتار: خيار استراتيجي من أجل إستدامة الانتاج الزراعي …
تأتي استراتيجية مليون هكتار من الزراعة الحافظة في إطار رؤية المغرب لتعزيز الاستدامة الزراعية، من خلال تقليل حرث التربة، تعزيز التغطية النباتية، وتحسين إدارة الموارد المائية. هذه الاستراتيجية تمثل خطوة رئيسية نحو تحقيق التوازن بين الحفاظ على البيئة وضمان إنتاج زراعي مستدام يلبي احتياجات الأجيال الحالية والمستقبلية.
جدير بالذكر أن تجربة الزراعة الحافظة، التي تم عرضها خلال المؤتمر الإفريقي الثالث للزراعة الحافظة المنعقد بالعاصمة المغربية الرباط سنة 2023، حظيت بإشادة واسعة من قبل المشاركين، حيث تم اعتبارها نموذجًا رائدًا في التنمية الزراعية المستدامة. وقد تم اقتراح تعميم هذه التجربة ونقلها إلى مختلف الدول الإفريقية، لما تحمله من إمكانات كبيرة في تعزيز الأمن الغذائي والتكيف مع التغيرات المناخية.
الزراعة بين التكيف والاستدامة…
في ظل التحديات المتزايدة التي يواجهها القطاع الزراعي، يبدو أن مستقبل الأمن الغذائي في إفريقيا والمغرب مرتبط بمدى القدرة على تبني حلول زراعية مرنة ومستدامة، تأخذ بعين الاعتبار خصوصيات التربة، المتغيرات المناخية، والاحتياجات الاقتصادية للفلاحين.
إن التحدي الأكبر اليوم ليس فقط في إنتاج الغذاء، بل في ضمان استدامة الموارد الزراعية للأجيال القادمة، وهو ما يجعل البحث العلمي والابتكار الزراعي مفتاحًا رئيسيًا لحل معضلة الأمن الغذائي في إفريقيا.
#المحيط الفلاحي : عادل العربي