القطاع الفلاحي في مواجهة شح المياه: تحديات جسيمة وإصرار على ضمان الأمن الغذائي
أكد وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، السيد أحمد البواري، أن الادعاءات بشأن مسؤولية القطاع الفلاحي عن استنزاف الموارد المائية، وكونه يستهلك 80 أو 90% من المياه، لا تستند إلى معطيات دقيقة. وأوضح أن الفلاحة اليوم تواصل نشاطها بكفاءة حتى في ظل شح المياه، ما يعكس مستوى التطور الذي بلغه هذا القطاع الحيوي. ودعا الوزير إلى الفخر بالمنظومة الفلاحية الوطنية، وبالفاعلين فيها، وبالمهندسين الذين يسهرون على تطويرها، مشددًا على أن هناك دولًا تملك وفرة مائية لكنها تعجز عن تحقيق الإنتاج، في حين أن المغرب، رغم محدودية موارده، نجح في ضمان إنتاجه الفلاحي .
وأفاد المسؤول الحكومي، خلال الندوة الصحفية التي أعقبت المجلس الحكومي، اليوم الخميس، أن القطاع الفلاحي يعتمد فقط على ما تبقى من المياه في السدود، بعد تخصيص المياه الصالحة للشرب، الصناعة، والسياحة، مفيدا “لذلك، علينا دعم الفلاحين والوقوف إلى جانبهم، لأن فقدان هذه المهنة، سواء بالنسبة للفلاح أو الكساب، سيجعل من الصعب جدًا إقناعهم بالعودة إليها بعد انتقالهم إلى المدينة.
وقال وزير الفلاحة إن الموسم الفلاحي الحالي شهد تساقطات مطرية جد ضعيفة مقارنة بالمعدل المتوسط لآخر ثلاثين سنة، مسجلا عجزًا بنسبة 53% مقارنة بهذا المعدل، مفيدا “بدأنا الموسم بشكل مشجع خلال شهري شتنبر وأكتوبر، لكن خلال الشهرين التاليين لم تتجاوز كمية التساقطات 20 ملم، مما أثر على الغطاء النباتي وعلى الزراعات الخريفية بشكل عام”.
وأوضح السيد البواري أن معظم مناطق البلاد شهدت تدهورًا في الغطاء النباتي، باستثناء منطقة اللوكوس، التي تحتفظ بوضعية جيدة نسبياً، حيث تمثل حوالي 25% من المساحة المزروعة.
وبخصوص الوضعية المائية الحالية، أبرز وزير الفلاحة أن حجم الواردات المائية ضعيف جدًا، إذ لم تتجاوز كمية المياه الواردة إلى السدود منذ فاتح شتنبر إلى اليوم 1.2 مليار متر مكعب، وهو رقم ضعيف مقارنة بالمتوسط المعتاد خلال هذه الفترة، كما أن هذا الموسم هو الثالث على التوالي الذي يعرف تراجعًا في مخزون السدود.
وأورد أن مخزون سدود دكالة لا يتجاوز 2%، مما أثر على الفلاحين الذين لم يحصلوا على أي حصة من المياه منذ ست سنوات، ورغم ذلك لا يزالون يمارسون نشاطهم الفلاحي وينتجون. أما في باقي المناطق فقد بلغ المخزون المائي 50% في تادلة، و13% في الحوز و15% في سوس ماسة، مفيدا أن مخزون السدود المخصصة للفلاحة بشكل عام لا يتجاوز 26%.
وأشار إلى أن أغلب هذه النسب من المخزون المائي تُخصص لمياه الشرب، خصوصًا لتزويد الدار البيضاء، وبدرجة أقل بعض المدن الأخرى، مضيفا “لهذا نسير نحو سياسة بناء محطات تحلية المياه على طول السواحل المغربية لتغطية الحاجيات من مياه الشرب، مما سيتيح لنا الحفاظ على المياه التقليدية لاستخدامها في الفلاحة”.
ولفت إلى سعي الوزارة لتوسيع المساحات المسقية الدائمة، “حيث نطمح إلى إضافة 100 ألف هكتار جديدة ودائمة لضمان وفرة المواد الغذائية. ومع ذلك، الوضعية تبقى مقلقة، حيث لم تتجاوز المياه المخصصة للفلاحة هذا العام 760 مليون متر مكعب، أي أقل من 14% من الحاجيات الفعلية. وإذا لم تتحسن واردات السدود، فقد تنخفض هذه الحصة أكثر”.
وأكد أن الوضع يستدعي مصارحة المغاربة: “المياه في السدود قليلة، والفلاحة تعاني، ومع ذلك، يواصل الفلاحون والكسابة جهودهم لتوفير المنتجات الفلاحية للأسواق، وهذا يستحق التحية والتقدير”.
ولدعم الموسم الفلاحي، أكد وزير الفلاحة اتخاذ عدة تدابير منها توفير ودعم مليون و300 ألف قنطار من البذور المختارة، وتوزيع 200 ألف طن من الأسمدة الأزوطية، ودعم الشعير بسعر 2 دراهم للكيلوغرام، ودعم الأعلاف المركبة بسعر 2.5 درهم للكيلوغرام، ودعم بذور زراعات الطماطم والبصل للحفاظ على مستوى الإنتاج.
وبخصوص المساحات المزروعة، أبرز المسؤول الحكومي أن إجمالي الزراعات الخريفية بلغ 3.5 ملايين هكتار موزعة على الحبوب الخريفية بـ 2.6 مليون هكتار (55% من الهدف المتوقع) والزراعات الكلئية بـ 350 إلى 380 ألف هكتار (71% من الهدف)، والبقوليات الغذائية: 86 ألف هكتار ما يناهز 39% من الهدف، والزراعات السكرية: 36 ألف هكتار (47% للشمندر و3 آلاف هكتار لقصب السكر)، والخضروات الخريفية بلغت 97 ألف هكتار، والخضروات الشتوية انطلقت الزراعة خلال يناير وستستمر حتى مارس، وبلغت المساحة المغطاة حاليًا 28 ألف هكتار من أصل 74 ألف هكتار المستهدفة.
وتابع البواري بالنسبة للطماطم، بلغت المساحة المزروعة 5,700 هكتار، معظمها (4,000 هكتار) في البيوت المغطاة بسوس، مما يضمن وفرتها خلال رمضان. أما البصل، فرغم تقلص المساحات المزروعة، ما تزال لدينا مخزونات تبلغ 156 ألف طن من البصل الجاف، وهو ما سيضمن تزويد الأسواق خلال رمضان والأشهر المقبلة، والبطاطس هناك 30 ألف هكتار مزروعة وستغطي الحاجيات بوفرة في السوق الوطنية.
#المحيط الفلاحي : عادل العربي