مجلة المحيط الفلاحي

المغرب في معرض باريس للفلاحة: ريادة زراعية وشراكة متجددة نحو المستقبل

حينما تُفتح أبواب معرض باريس الدولي للفلاحة، تتجه أنظار العالم إلى قلب العاصمة الفرنسية، حيث تُعرض أحدث الابتكارات والتجارب الناجحة في القطاع الفلاحي. لكن نسخة 2025 تكتسي طابعًا خاصًا، إذ يشرف المغرب كأول بلد أجنبي ضيف شرف، في احتفاء يعكس بجلاء مكانته الرائدة في الفلاحة المستدامة والذكية، ويكرس عمق الشراكة المغربية-الفرنسية في هذا المجال الاستراتيجي.

إن حضور المملكة المغربية في هذا المعرض العالمي ليس مجرد مشاركة رمزية، بل هو اعترافٌ بمسار طويل من العمل الجاد والرؤية الطموحة التي جعلت من المملكة نموذجًا يُحتذى في التدبير المستدام للموارد، وتطوير الفلاحة المبتكرة، وتعزيز الأمن الغذائي في محيطه الإقليمي والقاري. فمن خلال استثمارات كبيرة في الزراعة  والتكنولوجيا ، ومن خلال اعتماد سياسات جريئة كمخطط “الجيل الأخضر”، استطاع المغرب تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس حفظه الله أن يعزز إنتاجه الفلاحي، ويرفع من جودة منتجاته، ويضمن استدامة موارده الطبيعية في مواجهة تحديات التغير المناخي.

وقد شهد حفل الافتتاح حضور وفد مغربي رفيع المستوى، برئاسة وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، السيد أحمد البواري، إلى جانب عدد من المهنيين والمستثمرين، وشخصيات بارزة من مختلف المجالات، تجمعهم علاقات متينة مع كل من المغرب وفرنسا. كما تميزت المشاركة المغربية، التي تشرف على تنظيمها وكالة التنمية الفلاحية، بحضور 30 عارضًا يمثلون 76 تعاونية فلاحية، تضم أكثر من 2000 فلاح صغير من مختلف جهات المملكة، مما يمنح الزوار فرصة نادرة لاكتشاف تنوع المنتجات الفلاحية المغربية وأصالتها، ويعكس غنى التراث الفلاحي الوطني وثراءه.

اليوم، حينما يقصّ رئيس الحكومة السيد عزيز أخنوش والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الشريط الرمزي لهذا الحدث، فإنهما يؤكدان على رؤية مشتركة تتجاوز حدود المعرض، لتمتد إلى مجالات أعمق من التعاون المثمر. فتكريم المغرب في باريس يجد صداه في المعرض الدولي للفلاحة بمكناس، حيث ستُحلّ فرنسا ضيف شرف “سيام مكناس 2025” أبريل المقبل ، في خطوة تعكس تناغمًا استراتيجيًا بين البلدين، لا يقتصر على التبادل التجاري فحسب، بل يشمل أيضًا مجابهة التحديات العالمية التي تواجه الفلاحة، من ندرة المياه إلى الأمن الغذائي والابتكار التكنولوجي.

وسط جناح مغربي يمتد على مساحة 476 مترا مربعا يحمل شعار “المغرب قرون من النكهات” ، يقف المغرب شامخًا ليعرض قصته الفلاحية الملهمة، التي تجمع بين التقاليد العريقة والتكنولوجيا الحديثة، وبين خبرة الفلاحين وإبداع الباحثين. إنه أكثر من مجرد جناح داخل معرض دولي؛ إنه نافذة مفتوحة على المستقبل، حيث تصبح الفلاحة رافعة للتنمية المستدامة، وحلقة وصل بين الشعوب، وجسرًا للتعاون المشترك في عالم يزداد ارتباطًا وتعقيدًا.

#عادل العربي

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.