21 مارس..الغابات والأشجار رئة الارض وأمل المستقبل
في كل عام، ومع حلول 21 مارس، يقف العالم على موعد مع الطبيعة، في اليوم الدولي للغابات والأشجار، يوم اعتمدته الأمم المتحدة رسميًا سنة 2012 ليكون محطة تأمل واستفاقة بيئية جماعية، وصرخة كونية تدعو البشرية قاطبة إلى إعادة الاعتبار لما تبقى من غابات الأرض، وما تختزنه من ثروات وأسرار تضمن للحياة استمراريتها.
الغابة ليست مجرد مساحة خضراء مترامية الأطراف، ولا الأشجار مجرد كائنات صامتة تتزين بها الأرض، بل هي رئة العالم، ودرع التوازن المناخي، وخزان لا ينضب للتنوع البيولوجي. هي المهد الأول للتربة الخصبة، والحامية للأحواض المائية، والمكان الطبيعي أمام التصحر والتآكل والانجراف. ومع ذلك، تواجه غاباتنا اليوم تهديدات غير مسبوقة بفعل قطع الأشجار الجائر، والزحف العمراني، وحرائق الغابات، إضافة إلى التغيرات المناخية التي تُضاعف من هشاشة الأنظمة البيئية.
إن اختيار هذا اليوم، مع بداية فصل الربيع، لم يأتِ عبثًا، بل ليكون رمزًا لبداية جديدة، وفرصة للبشرية كي تعيد تصحيح علاقتها مع الأرض. فزراعة شجرة، أو حماية غابة، أو المساهمة في سياسات إعادة التشجير ليست مجرد أفعال فردية أو حملات ظرفية، بل هي استثمار في مستقبل الكوكب، وضمانة لحياة الأجيال القادمة في بيئة صحية متوازنة.
وفي عالم اليوم، حيث يشتد الخطر الناتج عن الاحترار العالمي ونذرة الموارد المائية وتفاقم الكوارث الطبيعية، تصبح مسؤوليتنا مضاعفة. فالحفاظ على الغابات وزيادة مساحتها هو جزء لا يتجزأ من الحلول لمجابهة تغير المناخ، وتخفيف الانبعاثات الكربونية، وتوفير مصادر عيش مستدامة للملايين من الناس، لا سيما أولئك الذين تعتمد حياتهم اليومية بشكل مباشر على خيرات الغابة.
إننا، إذ نحتفي اليوم بهذه المناسبة البيئية الكبرى، ندعو إلى أن تتحول هذه الذكرى إلى التزام عملي متجدد: أن تتحول المدارس إلى ورش لغرس الأشجار، أن تصبح السياسات العمومية أكثر حزمًا في مكافحة استنزاف الغطاء الغابوي، وأن يُدرك كل فرد منّا أن زراعة شجرة اليوم، قد تكون الضامن الوحيد لظل الغد.
لنجعل من اليوم الدولي للغابات والأشجار، ليس مجرد تاريخ عابر في الاجندات ، بل بداية فعلية لوعي بيئي دائم، يؤمن أن مستقبل الإنسان، مرهون بصحة الشجرة والغابة.
#العربي عادل